قال الزجاج: أجمع المفسرون على أنها نزلت في أبي طالب، وقد تقرر في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فيدخل في ذلك أبو طالب دخولًا أوليًا، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي طالب عند الموت:"يا عم قل: لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة" قال: لولا أن تعيرني قريش - يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع - لأقررت بها عينك، ثم أنشد مخاطبًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ولكن أنا على ملة الأشياخ، عبد المطلب وهاشم وعبد مناف، ثم مات فأتى علي ابنه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال له: عمك الضال قد مات، فقال له:"اذهب فواره"، وما تقدم من أنه لم يؤمن حتى مات هو الصحيح.
فإن قلت (١): إن بين هذه الآية وآية {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} تناقضًا فما وجه الجمع بينهما؟
قلت: يُجمع بينهما بأن المنفي هنا خلق الهداية التي هي عبارة عن تقليب القلب من الباطل - وهو ما سوى الله - إلى الحق، وهو الله سبحانه، فليس هذا من شأن غير الله سبحانه، والمثبت هناك الدلالة على الدين القويم، وهذا هو الذي كان من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من كل مرشد.
٥٧ - ثم أخبر سبحانه عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباعهم للهدى، فقال:{وَقَالُوا}؛ أي: قال مشركو مكة ومن تابعهم {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ} وندخل في