للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقت غضبهم على أحد، ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية، بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية، وفيه دلالة على أنهم الأخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها, لا يزيل الغضب أخلاقهم، كسائر الناس، وذلك لأن تقديم الفاعل المعنوي، أو التقديم مطلقًا يفيد الاختصاص.

والخلاصة: أي (١) وإذا ما غضبوا كظموا غيظهم، إذ من سجاياهم الصفح والعفو، وليس من طباعهم الانتقام، وقد ثبت في "الصحيح": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما انتقم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمات الله.

وقوله:

٥ - ٣٨ {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ}، أي: أجابوا ربهم إلى ما دعاهم إليه من توحيده. والبراءة من عبادة كل ما يعبد من دونه، معطوف (٢) على الموصول الأول عطف خاص على عام، لمزيد التشريف، وذلك لأن الاستجابة داخلة في الإيمان, قيل: نزلت الآية في الأنصار، دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإيمان, فاستجابوا له من صميم القلب، ولا يلزم منه أن تكون الآية مدنية، فإن كثيرًا منهم أسلموا بمكة قبل الهجرة، وفيه إشارة إلى أن الاستجابة للرسول استجابة للمرسل.

وقوله:

٦ - {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} المفروضة؛ أي: أدوها لموا قيتها بشروطها وأركانها وهيئاتها، معطوف على استجابوا، فهو من أوصاف الأنصار أيضًا، وخص الصلاة من بين أركان الدين، كالزكاة والصوم والحج لما لها من الخطر في صفاء النفوس، وتزكية القلوب، وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولأنه (٣) ما بين العبد والإيمان إلا إقامة الصلاة كما أنه ما بينه وبين الكفر إلا ترك الصلاة، فإذا أقام الصلاة فقد آمن، وأقام الدين، كما أنه إذا تركها فقد كفر وهدم الدين، وفي


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.