{وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}؛ أي: وبعض منها يأكلون لحمه وشحمه، كالغنم يعني: لا تصلح للركوب، بل للأكل فقط. وليس المراد: أن المركوبة منها كالإبل، لا تؤكل فإنها كما تركب تؤكل.
والمعنى: أي وسخرنا لهم هذه الأنعام، فمنها ما يركبون في الأسفار، ويحملون عليها الأثقال إلى سائر الجهات والأقطار، ومنها: ما ينحرون فيأكلون لحومها وينتفعون بدهنها.
٧٣ - {وَلَهُمْ فِيها}؛ أي: في الأنعام المركوبة والمأكولة {مَنافِعُ} أخر غير الركوب والأكل كالجلود، والأصواف، والأوبار، والأشعار، والنسائل؛ أي: النتائج، والحراثة بالثيران. وأجمل المنافع هنا، وفصلها في سورة النحل في قوله:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ} الآية، {وَمَشارِبُ} من اللبن، جمع مشروب، جمعه باعتبار أنواع النعم، أو باعتبار هيآت اللبن؛ لأن منه الحليب، والحامض، والخاثر، والجبن، والأقط، والزبد، والسمن.
والهمزة في قوله:{أَفَلا يَشْكُرُونَ} للاستفهام التوبيخي، داخلة على مقدر يقتضيه المقام، والفاء: عاطفة على ذلك المقدر، والتقدير: أيشاهدون هذه النعم التي يتنعمون بها، فلا يشكرون المنعم بها، بأن يوحدوه، ولا يشركوا به في العبادة، فقد تولى المنعم إحداث تلك النعم، ليكون إحداثها ذريعة إلى أن يشكروها، فجعلوها وسيلة إلى الكفران.
والمعنى: أي ولهم فيها منافع أخرى، غير الركوب والأكل منها، كالجلود والأصواف والأوبار والأشعار والحراثة وإدارة المنجنون (الساقية)، ولهم منها مشارب من ألبانها. ثم حثهم على الشكر على هذه النعم وتوحيد صانعها، فقال:{أَفَلا يَشْكُرُونَ} نعمتي عليهم، وإحساني إليهم بطاعتي، وإفرادي بالألوهية والعبادة، وترك وساوس الشيطان بعبادة الأصنام، والأوثان.
٧٤ - ثم ذكر سبحانه جهلهم واغترارهم، ووضعهم كفران النعمة مكان شكرها. فقال:{وَاتَّخَذُوا}؛ أي: واتخذ هؤلاء المشركون مع هذه الوجوه من الإحسان {مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: متجاوزين الله، المتفرد بالقدرة المتفضل بالنعمة