"البحر". {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ}؛ أي: على الجبارين {الْبَابَ}؛ أي: باب بلدهم؛ أي: باغتوهم وضاغطوهم في المضيق، وامنعوهم من البروز إلى الصحراء لئلا يجدوا للحرب مجالًا.
وفي قراءة عبد الله:{أنعم الله عليهما ويلكم ادخلوا عليهم الباب}. وهذا يدل على أن موسى كان قد أنزل محلته قريبًا من المدينة {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ}؛ أي: باب بلدهم {فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} من غير حاجة إلى القتال، فإنا شاهدنا أن قلوبهم ضعيفة، وإنْ كانت أجسامهم عظيمة؛ وإنَّما جزم هذان الرجلان بالغلبة؛ لأنَّهما كانا جازمين بنبوة موسى، فلما أخبرهم موسى بأن الله تعالى أمرهم بالدخول في تلك الأرض، وكتبها لهم قطعا بأن النصرة لهم، والغلبة حاصلة في جهتهم {وَعَلَى اللَّهِ} لا على غيره {فَتَوَكَّلُوا} في حصول هذا النصر لكم بعد ترتيب الأسباب، ولا تعتمدوا عليها فإنها غير مؤثرة {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} بصحة نبوة موسى، ومقرين بوجود الإله القادر، مصدقين لوعده.
والمعنى: أي (١) ادخلوا عليهم باب المدينة، فإذا فعلتم ذلك .. نصركم الله، وأيدكم بروح من عنده، بعد أن تعلموا ما في طاقتكم من طاعة ربكم، الذي تثقون به فيما لا يصل إليه كسبكم، إن كنتم مؤمنين بأن وعد الله حق، وأنَّه قادر على الوفاء به؛ وإنَّما جزم الرجلان بأنهم سيغلبون إذا دخلوا .. ثقة بنبوة موسى، وهو قد أخبرهم بأنَّ الله أمرهم بدخول الأرض المقدسة التي كتبها لهم، لا جرم قطعا بالنصر والغلبة على العدوّ.
٢٤ - {قَالُوا}؛ أي: قال بنو إسرائيل لموسى {يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا}؛ أي: أرض الجبارين {أَبَدًا}؛ أي: مدة حياتنا {مَا دَامُوا فِيهَا}؛ أي: ما دام الجبارون مقيمين في أرضهم، وكان هذا القول منهم فشلًا وجبنًا، أو عنادًا وجرأة على الله وعلى رسوله {فَاذْهَبْ أَنْتَ} يا موسى {وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} هم قالوا هذه المقالة جهلًا باللهِ عَزَّ وَجَلَّ وبصفاته، وكفرًا بما يجب له، أو استهانة بالله ورسوله، وقلة