للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصواب بحال.

أي: ذلك الإلقاء ليجعل ما يلقيه الشيطان في قلوب أوليائه فتنة، وضلالة للمنافقين، الذين في قلوبهم مرض، ونفاق. وللكافرين الذين قست قلوبهم فلا تلين لقبول الحق، ولا ترعوي عما هي فيه من الغي والضلال. ثم (١) سجل سبحانه على هاتين الطائفتين، وهما من في قلبه مرض، ومن في قلبه قسوة، بأنهم ظالمون. فقال: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ} الذين ظلموا أنفسهم بحرمانها من سعادة الدارين يعني المنافقين والمشركين، ففيه وضع الظاهر موضع المضمر، تسجيلًا عليهم اسم الظلم. {لَفِي شِقَاقٍ} وخلاف {بَعِيدٍ} عن الحق والصواب؛ أي: لفي عداوة شديدة، ومخالفة تامة. ووصف الشقاق بالبعد، مع أن الموصوف به حقيقة من قام به للمبالغة.

أي: وإن (٢) هذين الصنفين من الضلال لفي عداوة لأمر الله، وبعد عن الرشاد والسداد بما لا مطمع لهما معه في النجاة، والفوز برضا الله تعالى.

٥٤ - ولما بيَّن سبحانه، أن ذلك الإلقاء كان فتنة في حق أهل النفاق والشرك، بين أنه في حق المؤمنين العالمين بالله العارفين به، سبب لحصول العلم لهم، بأن القرآن حق وصدق فقال:

٢ - {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}؛ أي: ولكي يعلم الذين رزقوا العلم بالله وبآياته، بنسخ ما يلقي الشيطان في قلوب أوليائه من تلك الشبهات وبإحكام آياته {أَنَّهُ}؛ أي: أن القرآن المقروء للرسول هو {الْحَقُّ} النازل {مِنْ رَبِّكَ}؛ أي: من عند ربهم {فَيُؤْمِنُوا بِهِ}؛ أي: فيصدقوا به. أي: (٣) يثبتوا على الإيمان به، أو يزدادوا إيمانًا برد ما يلقي الشيطان. وهو عطف على قوله ليعلم. {فَتُخْبِتَ لَهُ} أي: للقرآن؛ أي: تخشع وتتواضع له {قُلُوبُهُمْ} أي: قلوب الذين أوتوا العلم وتذعن للإقرار به نفوسهم، وتنقاد له، وتعمل بما فيه من عبادات، وآداب،


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.