للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها، وما في بواطنها، وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع، وفي نقلها من هيئة وحال إلى حال من وقت الميلاد إلى وقت الوفاة، قال ابن عباس رضي الله عنه (١): يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع، وقيل: يريد سبيل الغائط والبول، يأكل ويشرب من مدخل واحد، ويخرج من سبيلين، وقيل: يعني: تقويم الأدوات السمع والبصر والنطق والعقل، إلى غير ذلك من العجائب المودعة في ابن آدم، وحسبك (٢) بالقلوب، وما ركز فيها من العقول وبالألسن والنطق ومخارج الحروف وما في تركيبها وترتيبها ولطائفها من الآيات الساطعة، والبيّنات القاطعة على حكمة مدبرّها وصانعها، دع الأسماع والأبصار، والأطراف وسائر الجوارح، وتأتِّيها لما خلقت له، وما سوى في الأعضاء من المفاصل للانعطاف والتثني، فإنه إذا جثا منها شيء .. جاء العجز، وإذا استرخى. أناخ الذل، فتبارك الله أحسن الخالقين.

{أَفَلَا تُبْصِرُونَ} الأرض وما فيها من البراهين الساطعة، والأنفس وما فيها من الدلائل القاطعة، فتعتبروا بها، و {الهمزة} فيه: للاستفهام التوبيخي، داخلة على مقدر يقتضيه السياق، و {الفاء}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألا تنظرون إلى ذلك فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا، وتستدلّوا بالصنعة على الصانع، وبالنقش على النقاش، وكذا على صفاته.

٢٢ - {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ}؛ أي: أسباب رزقكم، فالكلام على حذف مضاف؛ يعني بها (٣): الشمس والقمر وسائر الكواكب واختلاف المطالع والمغارب، التي يترتب عليها اختلاف الفصول، فتنبت الأرض أنواع النبات وتسقى بماء الأمطار التي تحملها السحب، وتسوقها الرياح لأسباب فلكيّة وطبيعيّة، أوضحها علماء الفلك وعلماء الطبيعة.


(١) الخازن.
(٢) النسفي.
(٣) المراغي.