قريب من المحسنين .. قفى على ذلك بذكر بعض ضروب من رحمته؛ إذ أرسل إلينا الرياح وما فيها من منافع للناس فيها ينزل المطر الذي هو مصدر الرزق وسبب حياة كل حي في هذه الأرض، وفي ذلك عظيم الدلالة على قدرته تعالى على البعث والنشور.
وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر الدلائل على كمال إلهيته وقدرته وعلمه من العالم العلوي .. أتبعها بالدلائل من العالم السفلي؛ وهي محصورة في آثار العالم العلوي، منها الريح والسحاب والمطر، وفي المعدن والنبات والحيوان، ويترتب على نزول المطر أحوال النبات، وذلك هو المذكور في الآية، وانجر مع ذلك الدلالة على صحة الحشر والنشر، والبعث والقيامة، وانتظمت هاتان الآيتان محصلتين المبدأ والمعاد.
انتهى.
التفسير وأوجه القراءة
٤٤ - {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ} حين استقرار أهل الجنة في الجنة، واستقرار أهل النار في النار إذا ما وجهوا إليهم أبصارهم يسألونهم سؤال افتخار على حسن حالهم، وسؤال تهكم وتذكير بجناية أهل النار على أنفسهم بتكذيب الرسل، وسؤال تقرير لهم بصدق ما بلغهم الرسل من وعد ربهم لمن آمن واتقى بجنات النعيم قائلين لهم:{أَنْ قَدْ وَجَدْنا}؛ أي: قد وجدنا وتيقنا {ما وَعَدَنا رَبُّنا} على ألسنة رسله من النعيم والكرامة {حَقًّا} وصدقا لا شبهة فيه، وها نحن نستمتع بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {فَهَلْ وَجَدْتُمْ} يا أهل النار {ما وَعَدَ رَبُّكُمْ}؛ أي: ما أوعدكم ربكم من الخزي والنكال والعذاب على الكفر {حَقًّا}؛ أي: صدقا {قالُوا}؛ أي: قال أهل النار مجيبين لأهل الجنة: {نَعَمْ}؛ أي: وجدنا ما أوعدنا به ربنا حقا كما بلغنا على ألسنة الرسل، و {نَعَمْ} حرف يجاب به عن الاستفهام في إثبات المستفهم عنه، ونونها