للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر أحوال أهل الجنة، وأهل النار، وأهل الأعراف، وذكر الحوار الذي كان بين هذه الفرق الثلاثة على وجه يحمل الناظر فيها على الحذر والاحتراس، والتأمل في العواقب لعله يرعوي عن غيه، ويهتدي إلى سبيل رشده .. عقب ذلك بذكر حال الكتاب الكريم، وعظيم فضله، وجليل منفعته، وأنه حجة الله على البشر كافة، وأنه أزاح به علل الكفار، وأبطل معاذيرهم، ثم يذكر حال المكذبين، وما يكون منهم يوم القيامة من الندم والحسرة، وتمني العودة إلى الدنيا لإصلاح أعمالهم.

قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...} الآيات، علمت مما سلف من قبل أن الأسس التي عني القرآن الكريم بشأنها هي التوحيد والنبوة والمعاد والقضاء والقدر، وإثبات المعاد موقوف على إثبات الوحدانية لله تعالى، والعلم الشامل والقدرة التامة. ومناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) بسط القول فيما سلف في أمر المعاد، وبين فئات الناس في ذلك اليوم، وما يدور من حوار بين أصحاب النار وأصحاب الجنة .. قفى على ذلك بذكر الخلق والتكوين، وبيان مقدوراته تعالى وعظيم مصنوعاته؛ لتكون دليلا على الربوبية والألوهية، وأنه لا معبود سواه.

قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما ذكر الأدلة على توحيد الربوبية .. قفى على ذلك بالأمر بتوحيد الألوهية بإفراده تعالى بالعبادة، وروحها ومخها الدعاء والتضرع له.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (٢) تفرده بالملك والملكوت، وتصرفه في العلوي والسفلي وتدبيره الأمر وحده، وطلب إلينا أن ندعوه متضرعين خفية وجهرا، ونهانا عن الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، وأبان لنا أن رحمته


(١) المراغي.
(٢) المراغي.