للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له المخالفة، وعدم الرضا.

٨٢ - {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ}؛ أي: شكر رزقكم بتقدير المضاف ليصح المعنى، كما حكاه الوادي عن المفسرين. والرزق (١) في الأصل مصدر سمي به ما يرزق، والمراد: نعمة القرآن، أي: تجعلون شكر رزقكم {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} بنعمة الله فتضعون التكذيب لرازقه موضع الشكر، أو تجعلون شكر رزقكم الصوري أنكم تكذبون بكونه من الله، حيث تنسبونه إلى الأنواء، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو حبس الله القطر عن أمتي عشر سنين ثم أنزل .. لأصبحت طائفة منهم يقولون: سقينا بنوء كذا". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أخوف ما أخاف على أمتي حيف الأئمة، والتكذيب بالقدر، والإيمان بالنجوم". وقال الهيثم: إن أزد شنوءة يقولون: ما رزق فلان؛ أي: ما شكر.

وعلى هذه اللغة لا يكون في الآية مضاف محذوف، بل معنى الرزق: الشكر. ومما يدخل تحت هذه الآية قول الكفار إذا سقاهم الله تعالى، وأنزل عليهم المطر: سقينا بنوء كذا، ومطرنا بنوء كذا.

ووجه التعبير بالرزق عن الشكر (٢): أن الشكر يفيض زيادة الرزق، فيكون الشكر رزقًا تعبيرًا بالسبب عن المسبب، وقال الأزهري: معنى الآية: وتجعلون بدل شكركم رزقكم الذي رزقكم الله تعالى التكذيب بأنه من عند الله الرازق. وقال أبو حيان (٣): المعنى: وتجعلون شكر ما رزقكم الله من إنزال القرآن عليكم تكذيبكم به؛ أي: تضعون مكان الشكر التكذيب. ومن هذا المعنى قول الراجز:

مَكَانُ شُكْرِ الْقَوْمِ عِنْدَ الْمِنَنْ ... كَيُّ الصَّحِيْحَات وَفْقْءُ الأَعْيُنِ

وقرأ علي، وابن عباس {وتجعلون شكركم}. وذلك على سبيل التفسير لمخالفته السواد. وقرأ الجمهور (٤) {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} بالتشديد من التكذيب. فالمعنى: أنه ليس من عند الله؛ أي: القرآن أو المطر، حيث ينسبون ذلك إلى النجوم. وقرأ


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.