للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأهوال، ولا يكاد يخلو مثله أحد بحكم الجبلة، وإن كان آمنًا من لحوق الضرر.

وعبارة "الخازن" هنا: فإن قلت (١): كيف نفى الفزع هنا، وقد قال قبله: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}؟

قلت: إن الفزع الأول هو ما لا يخلو عنه أحد عند الإحساس بشدة تقع، وهول يفجأ من رعب وهيبة، وإن كان المحسن يأمن وصول ذلك الضرر إليه، فأما الفزع الثاني فهو الخوف من العذاب فهم آمنون منه، وأما ما يلحق الإنسان من الرعب عند مشاهدة الأهوال فلا ينفك عنه أحد، اهـ.

٩٠ - {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَة}؛ أي: بالشرك الذي هو أسوأ المساوىء {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}؛ أي: ألقوا وطرحوا فيها على وجوههم منكوسين، ويجوز أن يراد بالوجوه أنفسهم، كما أريدت بالأيدي في قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فإن الوجه والرأس والرقبة واليد يعبر بها عن جميع البدن، وخصت الوجوه بالذكر لأنها أشرف أعضاء الإنسان، لاجتماع الحواس فيها، وقال جماعة (٢) من الصحابة ومن بعدهم: حتى قيل إنه مجمع عليه بين أهل التأويل أن المراد بالسيئة هنا الشرك، ووجه التخصيص قوله: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} فهذا الجزاء لا يكون إلا بمثل سيئة الشرك.

وجملة قوله: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} مقول لقول محذوف، والقاثل خزنة جهنم، والاستفهام فيه للإنكار، فهو بمعنى النفي؛ أي: حالة كونهم مقولًا لهم ما تجزون إلا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا من الشرك؛ أي: تقول لهم خزنة جهنم ما تجزون الآن إلا جزاء أعمالكم من الشرك والمعاصي في الدنيا.

وفي الحديث (٣): "إذا كان يوم القيامة جاء الإيمان والشرك يجثوان بين


(١) الخازن.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.