للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا لَهُمْ}؛ أي: لآلهتهم، {فِيهِمَا}؛ أي: في السموات والأرض {مِنْ شِرْكٍ}؛ أي: شركة مع الله لا خلقًا ولا ملكًا ولا تصرفًا، {وَمَا لَهُ}؛ أي: وما لله سبحانه وتعالى {مِنْهُمْ}؛ أي: من آلهتهم {مِنْ ظَهِيرٍ}؛ أي: معين يعينه في تدبير أمورهما.

والمعنى (١): أي ليس لآلهتهم في السموات والأرض مشاركة مع الله، لا بالخلق، ولا بالملك، ولا بالتصرف، وما لله سبحانه من تلك الآلهة معين يعينه على شيء من أمر السموات والأرض، ومن فيهما.

٢٣ - {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ}؛ أي: ولا تنفعهم شفاعتهم عنده تعالى، كما يزعمون، إذ لا شفاعة، {عِنْدَهُ} تعالى {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}؛ أي: إلا لشافع أذن له أن يشفع، وهو لا يأذن لأحد من الشفعاء من الملائكة وغيرهم أن يشفع لهؤلاء الكافرين، كما قال تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}، والشفاعة لمثل هؤلاء لا تكون أبدًا، والشفاعة: طلب الخير من الغير للغير، كما سيأتي في مبحث اللغة مبسوطًا.

والاستثناء في قوله (٢): {إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} استثناء مفرغ من أعمّ الأحوال؛ أي: لا تنفع الشفاعة في حال من الأحوال إلَّا كائنة لمن أذن له أن يشفع من الملائكة والنبيين وغيرهم من أهل العلم والعمل، ومعلوم أن هؤلاء لا يشفعون إلَّا لمن يستحق الشفاعة، لا للكافرين، ويجوز أن يكون المعنى: لا تنفع الشفاعة من الشفعاء المتأهلين لها في حال من الأحوال إلا كائنة لمن أذن له؛ أي: لأجله، وفي شأنه من المستحقين للشفاعة من أهل الإيمان, وأما من عداهم من غير المستحقين لها كهؤلاء الكفرة .. فلا تنفعهم شفاعة شافع أصلًا، وإن فرض وقوعها وصدورها عن الشفعاء؛ إذ لم يأذن لهم في شفاعتهم، بل في شفاعة غيرهم من المؤمنين، فعلى هذا يثبت حرمانهم من شفاعة هؤلاء الشفعاء من الملائكة وغيرهم بمنطوق النصّ، ومن شفاعة الأصنام بمفهومه؛ إذ حين حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها، فلأن يحرموها من جهة العجزة عنها أولى.

وقرأ الجمهور (٣): {أَذِنَ} بفتح الهمزة؛ أي: أذن الله سبحانه له؛ لأن اسمه مذكور قبل هذا، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: بضمها على البناء للمفعول،


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.