للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سبحانه وتعالى {يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} من عباده؛ أي: ينصرهم على أعدائه ولا يخذلهم، فلا تضرهم عداوة من عاداهم، وهم من صلحت أنفسهم بصحيح العقائد، وسلمت من الأوهام والخرافات، وبالأعمال التي تصلح بها شؤون الأفراد والجماعات، فنصرهم على ذوي الخزعبلات والأوهام، وفاسدي العقائد والأحلام، تصديقا لقوله: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ}.

وقرأ الجمهور (١): {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} بياء مشددة مضافا لياء المتكلم المفتوحة، وهي ياء فعيل، أدغمت في لام الكلمة، وهي قراءة واضحة، أضاف الولي إلى نفسه، وقرأ أبو عمرو في رواية عنه: بياء واحدة مشددة مفتوحة، ورفع الجلالة، قال أبو علي: لا يخلو إما أن تدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة وهو لا يجوز؛ لأنّه ينفك الإدغام الأول، أو تدغم ياء فعيل في ياء الإضافة

ويحذف لام الفعل، فليس إلا هذا. انتهى.

وروي (٢): أن عمر بن عبد العزيز ما كان يدخر لأولاده شيئا، فقيل له في ذلك؟ فقال: ولدي إما أن يكون من الصالحين أو من المجرمين، فإن كان من الصالحين فوليه الله، ومن كان الله له وليا .. فلا حاجة له إلى مالي، وإن كان من المجرمين .. فقد قال تعالى: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} ومن رده الله لم أشتغل بإصلاح مهماته.

١٩٧ - ثم أكد ما سلف بقوله: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}؛ أي: والذين تعبدونهم من دون الله تعالى من الأصنام {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ} أيها المشركون في أمر من الأمور {وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}؛ أي: ولا يحفظون أنفسهم ويمنعونها مما يراد بهم من الضرر، فكيف أبالي بهم؟!! وهذه الجملة (٣) من تمام التعليل لعدم مبالاته بهم فهي معطوفة على قوله: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ}؛ أي: لا أبالي بهم؛ لأن


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الفتوحات.