للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو فعلًا {فَكَأَنَّمَا خَرَّ} وسقط {مِنَ السَّمَاءِ} إلى الأرض {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}؛ أي: تسلبه وتختلسه، وتأخذه الطير بسرعة وتقطع لحمه {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}؛ أي: ترمي به الريح وتسقطه {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}؛ أي: بعيد، غرضه بهذا، ضرب مثل لمن يشرك بالله، اهـ شيخنا.

ومعنى الآية: أن (١) من أشرك مع الله غيره، فقد أهلك نفسه هلاكًا، ليس وراءه هلاك، وكانت حاله أشبه بحال من سقط من السماء، فتخطفه الطير، ففرقت أجزاءه في حواصلها إربًا إربًا، أو عصفت به الريح، فهوت به في المهاوي البعيدة، التي لا رجعة له منها.

وقيل (٢): شبه حال المشرك بحال الهاوي من السماء؛ لأنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع حيث تسقطه الريح، فهو هالك لا محالة؛ إما باستلاب الطير لحمه، أو بسقوطه في المكان السحيق.

وقرأ نافع (٣): {فَتَخَطَّفَه} بفتح الخاء والطاء مشددة. وقرأ الجمهور: {فَتَخْطَفُهُ} بسكون الخاء وتخفيف الطاء. وقرأ الحسن وأبو رجاء والأعمش: بكسر التاء والخاء والطاء مشددة. وعن الحسن كذلك إلا أنه فتح الطاء مشددة. وقرأ الأعمش أيضًا: {تَخْطَفُهُ} بغير فاءٍ وإسكان الخاء وفتح الطاء مخففة. وقرأ أبو جعفر والحسن وأبو رجاء الرياح بالجمع.

٣٢ - وقوله: {ذَلِكَ} خبر لمبتدأ محذوف، كما مر نظيره؛ أي: الأمر والشأن ذلك الذي ذكر، من أن تعظيم حرمات الله خير، وأن الاجتناب عن الشرك، وقول الزور أمر لازم، امتثلوا ذلك واحتفظوا عليه ولا تتهاونوا في الحرص عليه، والسير على نهجه.

{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} ومعالم دينه التي منها الهدايا المشعرة، فإنها من


(١) المراغي.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.