للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي عن ابن عباس أنه قال: لقد قال موسى ذلك، وهو أكرم خلق الله عليه، ولقد افتقر إلى شق تمرة، ولصق بطنه بظهره من شدة الجوع، وقال المفسرون: تعرض لما يطعمه لما ناله من الجوع، ولم يصرح بالسؤال، وحكى ابن جرير: أنه أسمع المرأتين هذا الكلام تعريضًا أن تطعماه.

ويحتمل أن يريد (١): رب إني بسبب ما أنزلت إلى من خير الدين، وهو النجاة من الظالمين، صرت فقيرًا في الدنيا، وذلك لأن موسى كان عند فرعون في ثروة وملك، فقال ذلك رضًا بهذا البدل المديني، وفرحًا به، وشكرًا له.

ولما كان موسى عليه السلام جائعًا سأل من الله ما يأكل، ولم يسأل من الناس ففطنت الجاريتان، فلما رجعتا إلى أبيهما قبل الناس، وأغنامهما قفلت، قال لهما: ما أعجلكما؟ قالتا: وجدنا رجلًا صالحًا رحمنا فسقى لنا، ثم تولى إلى الظل فقال: رب إلخ، فقال أبوهما: هذا رجل جائع، فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه لنا.

٢٥ - {فَجَاءَتْهُ}؛ أي: فجاءت موسى {إِحْدَاهُمَا}؛ أي: إحدى البنتين، عقيب ما رجعتا إلى أبيهما، وهي الكبرى عند الأكثرين، واسمها صفورياء أو صفوراء، فإن قلت: كيف جاز لشعيب إرسال ابنته لطلب أجنبي؟ قلت: لأنه لم يكن له من الرجال من يقوم بأمره، ولأنه ثبت عنده صلاح موسى وعفته، بقرينة الحال، وبنور الوحي.

وقرأ ابن محيصن (٢): {فجاءته احداهما} بحذف همزة إحداهما تخفيفًا، على غير قياس، مثل ويل أمه، في ويل أمه، ويا بافلان، والقياس أن يُجعل بين وبين، ذكره أبو حيان.

حالة كونها {تَمْشِي} حال من فاعل جاءته {عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}؛ أي: على ما


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.