الزائفة، والمذاهب الفاسدة {أ} يتبعون ما ألفوا عليه آباءهم في كل حال، وفي كل شيء {ولو كان أباؤهم}؛ أي: وإن كان أباؤهم الذين يتبعونهم {لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا}؛ أي: لا يعلمون شيئًا من أمر الدين وعقائده وعباداته، ولفظ {شَيْئًا} عام ومعناه خاص، وذلك أنهم كانوا يعقلون أمر الدنيا، {وَلَا يَهْتَدُونَ} إلى الحق والصواب؛ أي: أيتبعونهم ولو تجردوا من دليل عقلي أو نقلي في عقائدهم وعباداتهم، فالهمزة فيه للإنكار والتوبيخ، وتعجيب غيرهم من حالهم؛ أي: لا ينبغي ولا يليق أن يتبعوهم، وهم جهلة لا يعقلون شيئًا، ولا يهتدون.
وقال البيضاوي: وجواب (١){لو} محذوف؛ أي: لو كان أباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون .. لاتبعوهم، وقال أبو السعود: أن {لو} في مثل هذا المقام لا تحتاج إلى جواب؛ لأن القصد منها تعميم الأحوال، وهو دليل على المنع من التقليد في أمر الدين لمن قدر على النظر والاجتهاد، وأما إذا اتبع المرء غيره في الدين ممن علم أنه على الحق كالأنبياء والمجتهدين في الأحكام، فهذا ليس بتقليد، بل اتباعٌ لما أنزل الله، كما قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
١٧١ - {وَمَثَلُ}؛ أي: وصفة {الَّذِينَ كَفَرُوا} وداعيهم إلى الهدى؛ وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - {كَمَثَلِ} كصفة الراعي وبهيمته من الإبل والبقر والغنم مثلًا. {الَّذِي يَنْعِقُ} ويصيح {بِمَا لَا يَسْمَعُ}؛ أي: كالبهيمة التي لا تفهم معنى ما يقول: {إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}؛ أي: إلا مجرد سماع صوته بلا فهم معناه، شبه راعي الكفار براعي الغنم في مخاطبته من لا يفهم عنه، وشبه الكفار بالغنم في كونهم لا ينتفعون بما دُعوا إليه إلا مجرد سماع صوت، ففيه الحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني؛ وهو الذي ينعق، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول؛ وهو المنعوق به، وقيل التقدير: ومثل الذين كفروا في عدم فهمهم عن الله ورسوله كمثل المنعوق به من البهائم التي لا تفهم من الأمر والنهي غير الصوت، فيراد بـ {الَّذِي يَنْعِقُ} الذي