فقيل: هي منسوخة بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}.
وقيل: ليست منسوخة؛ لأنَّ المراد بها قبول الجزية، وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم، فتكون خاصةً بأهل الكتاب.
وقيل: إن المشركين إن دعوا إلى الصلح .. جاز أن يجابوا عليه. وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزةٍ وقوةٍ، لا إذا لم يكونوا كذلك .. فهو جائز، كما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - من مهادنة قريش، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك. وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرَّر في مواطنه. انتهى من "الشوكاني".
٦٢ - {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ}؛ أي: وإن يرد الكفار بإظهار الصلح خديعتك لتكف عنهم ويفترصوا الفرص، كانتظار الغرة التي تمكِّنهم من أهل الحق أو الاستعداد للحرب .. {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}؛ أي: فاعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى كافيك من شرورهم وناصرك عليهم. {هُوَ} سبحانه وتعالى {الَّذِي أَيَّدَكَ} وقواك {بِنَصْرِهِ} في يوم بدر، وفي سائر أيامك {وَبِالْمُؤْمِنِينَ} من المهاجرين والأنصار، وهذه الجملة معللة لما قبلها؛ أي: لا تخف من خداعهم ومكرهم؛ فإنَّ الله الذي قواك عليهم بالنصر في يوم بدر، هو الذي سينصرك ويقويك عليهم عند حدوث الخداع والنكث.
أي: إنَّ (١) من آثار عنايته تعالى بك أن أيدك بتسخير المؤمنين لك، وجعلهم أمةً متحدةً متآلفةً متعاونةً على نصرك، وأن سخر لك ما وراء الأسباب من خوارق العادات، كالملائكة التي تثبت القلوب يوم بدر، ثم بين كيف كان تأييده بالمؤمنين فقال:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}؛ أي: وهو الذي ألف وجمع بين قلوب المؤمنين على الإيمان بك وبذل النفس والمال في مناصرتك بعد التفرق والتعادي الذي كان أثر حروبٍ طويلة وضغائن موروثة، كما كان بين الأوس