للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأهل تلك القرية من العذاب بسبب كفرهم وتكذيبهم، وأردتم بيان ما هو الأصلح واللازم لكم .. فأقول لكم: كلوا واشربوا يا معشر المؤمنين ما رزقكم الله تعالى وأعطاكموه حالة كونه {حَلَالًا طَيِّبًا}؛ أي: لذيذًا تستطيبه النفوس السليمة من بهائم الأنعام التي أحلها لكم، وذروا الخبائث من الميتة والدم، {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ}؛ أي: واشكروه على ما أنعم به عليكم، بتحليله ما أحل لكم، وبسائر نعمه المتظاهرة عليكم {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ} لا غيره {تَعْبُدُونَ}؛ أي: تخصونه بالعبادة، فتطيعونه فيما يأمركم به، وتنتهون عما ينهاكم عنه، والمراد بذلك الحث على اتباع أوامره والمداومة عليها.

١١٥ - وبعد أن أمرهم بالأكل من الطيبات .. بين لهم ما حرَّم عليهم فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ} ربكم {الْمَيْتَةَ}؛ أي: أكلها، وهي كل ما زالت حياته بغير ذكاة شرعية إلا السمك والجراد، {وَالدَّمَ} المسفوح؛ أي: المصبوب من العروق، فيجمدونه ويأكلونه، وأما المختلط باللحم فمعفو عنه، والأولى غسله، {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}؛ أي: أكل لحمها، وجميع أجزائها، {وَمَا أُهِلَّ} ورفع الصوت {لِغَيْرِ اللَّهِ}؛ أي: باسم غير الله كالصنم والولي {بِهِ}؛ أي: عند ذبحه، كقول أهل الجاهلية باللات والعزى، فإن ذلك من ذبائح من لا يحل أكل ذبيحته.

والخلاصة (١): أنَّ ما سمي عليه غير الله تعالى عند الذبح سواء كان صنمًا أو وثنًا أو روحًا خبيثًا من جنٍّ، أو روحًا طيبًا من إنس كالنبي والولي حيًّا أو ميتًا، فأكله حرام لما جاء في الحديث: "ملعونٌ مَنْ ذبح لغير الله" سواء سمى الله عند ذبحه أو لم يسم؛ لأن هذا الحيوان قد انتسب إلى غيره تعالى، فمن ذبح للسيد البدوي، أو لإبراهيم الدسوقي، أو للسيدة زينب، أو للحسين العروسيِّ، أو للأبادر الهرري مثلًا لا يجوز أكل هذا الذبيح، فهذه (٢) الآية دالة على حصر المحرمات في هذه الأربع، فالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع داخلة في الميتة، وما ذبح على النصب داخل تحت قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ


(١) المراغي.
(٢) المراح.