للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحو الآية قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (٦١)}.

٤٩ - {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ}؛ أي: الحكم لهم لا عليهم {يَأْتُوا إِلَيْهِ}؛ أي: إلى الرسول حالة كونهم {مُذْعِنِينَ}؛ أي: منقادين لحكمه لجزمهم بأنه يحكم لهم فقوله: {إِلَيْهِ} متعلق بـ {يَأْتُوا}؛ لأن الإتيان والمجيء يتعديان بإلى، أو بـ {مُذْعِنِينَ}؛ لأنه بمعنى مسرعين في الطاعة.

والمعنى (١): أي وإذا كانت الحكومة لهم لا عليهم .. جاؤوا إلى الرسول مطيعين، لعلمهم بأنه يحكم لهم؛ لأنه لا يحكم إلا بالحق، فإذعانهم لم يكن عن اعتقاد أن حكمه الحق، بل لأنه وافق هواهم، ومن جراء هذا لمَّا خالف الحق قصدهم، عدلوا عنه إلى غيره.

٥٠ - ثم فصل، ما يحتمل أن يكون السبب في عدولهم، عن قبول حكمه - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الحكم عليهم، بقوله: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} والاستفهام فيه للإنكار والاستقباح لإعراضهم المذكور، وبيان لمنشأة؛ أي: أذلك الإعراض لأنه في قلوبهم مرض؛ أي: نفاق وكفر. {أَمِ} لأنهم {ارْتَابُوا}؛ أي: شكوا في أمر نبوته عليه السلام، مع ظهور حقيقتها {أَمْ} لأنهم {يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ}؛ أي: يجورا عليهم في الحكم، ويظلماهم فيه.

وفي "الفتوحات": والاستفهام (٢) في قوله: {أَفِي قُلُوبِهِمْ} للإنكار لكن النفي المستفاد به لا يتسلط على هذه الأمور الثلاثة؛ لأنها واقعة لهم وقائمة بهم. والواقع لا ينفي وإنما هو متسلط على منشئيتها وسببيتها لإعراضهم؛ أي: ليس منشؤه شيئًا من هذه الثلاثة، بل منشؤه شيء آخر وهو ظلمهم، فبينه بالإضراب الانتقالي بقوله: {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. اهـ. "شيخنا".


(١) المراغي.
(٢) جمل.