للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للمؤمنين: والله ما أنتم على شيء، ولو كان ما تقولون حقًا .. لكان حالنا أفضل من حالكم في الآخرة، كما أنا أفضل حالًا منكم في الدنيا، فأنكر الله عليهم هذا الكلام، وبين أنه لا يمكن أن يكون حال المؤمن المطيع، مساويًا لحال الكافر العاصي في درجات الثواب، ومنازل السعادات.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن المنذر، وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: كانت قريش تعبد الحجر حينا من الدهر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأول وعبدوا الآخر، فأنزل الله سبحانه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ...} الآية. وقال مقاتل: نزلت في الحارث بن قيس السهمي، أحد المستهزئين؛ لأنه كان يعبد ما تهواه نفسه.

نزول بقية الآية: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} قال مقاتل (١): نزلت في أبي جهل، ذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة، ومعه الوليد بن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو جهل: والله إني لأعلم أنه صادق، فقال: مه وما دلك على ذلك، قال: يا أبا عبد شمس، كنا نسميه في صباه الصادق الأمين، فلما تم عقله، وكمل رشده، نسميه الكذاب الخائن، والله إني لأعلم أنه صادق، قال: فما يمنعك أن تصدقه، وتؤمن به، قال: تتحدث عني بنات قريش، أني اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللات والعزى إن اتبعته أبدًا فنزلت: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ}.

التفسير وأوجه القراءة

٢١ - قوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ...} إلخ، كلام (٢) مستأنف مسوق لبيان تباين حالي المسيئين، والمحسنين إثر بيان تباين حالي الظالمين، والمتقين. و {أَمْ} منقطعة، وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الأول إلى الثاني، والهمزة لإنكار الحسبان، لكن لا بطريق إنكار الوقوع نفيه، كما في قوله تعالى:


(١) تفسير القرطبي ١٦/ ١٧٠.
(٢) أبو السعود.