والإشارة بقوله:{ذلِكُمُ} إليه سبحانه وتعالى، باعتبار أفعاله المذكورة، ومحله الرفع على الابتداء؛ أي: ذلكم العظيم الشأن الذي عدّت أفعاله {اللَّهُ} المعبود بحق، خبر المبتدأ، وقوله:{رَبُّكُمْ} خبر آخر له؛ أي: مربيكم فيما ذكر من الأطوار، وفيما بعدها، ومالكم المستحق لتخصيص العبادة به، وفي «التأويلات النجمية»؛ أي: أنا خلقتكم، وأنا صورتكم، وأنا الذي أسبغت عليكم أنعامي، وخصصتكم بجميع إكرامي، وغرقتكم في بحار أفضالي، وعرّفتكم استحقاق شهود جمالي وجلالي، وهديتكم إلى توحيدي، وأدعوكم إلى وحدانيتي، فما لكم لا تنطقون إلي بالكلية؟ وما لكم لا تطلبون مني ولا تطلبونني وقد بشرتكم بقولي: ألا من طلبني وجدني، ومن كان لي كنت له، ومن كنت له يكون له ما كان لي، انتهى. {لَهُ الْمُلْكُ} على الإطلاق في الدنيا والآخرة، ليس لغيره شركة في ذلك بوجه من الوجوه، وهو خبر ثالث، وقوله:{لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} خبر رابع؛ أي: لا معبود إلا هو، كما أنه لا مقصود إلا هو {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}؛ أي: فكيف تنصرفون عن عبادته، وتنقلبون عنها إلى عبادة غيره، ومن أي وجه تصرفون، وتردون عن ملازمة بابه، بالعبودية إلى باب عاجز مثلكم من الخلق؛ أي: كيف تصرفون، وتعدلون عن عبادته تعالى، إلى عبادة الأوثان، مع وفور موجباتها ودواعيها، وانتفاء الصارف عنها بالكلية إلى عبادة غيره.
والخلاصة: كيف تعبدون معه تعالى سواه؟ أين ذهبت عقولكم، وكيف ضاعت أحلامكم؟!.
٧ - ولما ذكر الله سبحانه النعم، التي أنعم بها على عباده، وبيّن لهم من بديع صنعه وعجيب فعله، ما يوجب على كل عاقل أن يؤمن به .. عقّبه بقوله:{إِنْ تَكْفُرُوا} به تعالى، بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه، ومعرفة شؤونه العظيمة، الموجبة للإيمان والشكر، والخطاب لأهل مكة، كما في «الوسيط»، والظاهر: التعميم لكل الناس، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}، {فَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {غَنِيٌّ عَنْكُمْ} وعن جميع العالمين؛ أي: فاعلموا أنه