للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أضللناكم {فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ}؛ أي: أدنى فضل في الدنيا؛ أي: إنا وإياكم متساوون في الضلال واستحقاق العذاب؛ لأنكم كفرتم اختيارا، لا أنا حملناكم على الكفر إجبارا، فلا يكون عذابنا ضعفا {فَذُوقُوا الْعَذابَ} أيتها الأخرى {بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}؛ أي: بما كنتم تقولونه وتعملونه في الدنيا من الشرك والمعاصي، فلا يكون عذابكم دون عذابنا مع أن الذنب واحد، وقد اعترفتم بتلبسكم بالضلال المقتضي، فذوقوا بكسبكم له مهما يكن سببه.

وقد جاء في سورة الصافات: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣)}.

٤٠ - {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا}؛ أي: كذبوا بدلائل توحيدنا، ولم يصدقوا بها، ولم يتبعوا رسلنا {وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها}؛ أي: وتكبروا عن الإيمان بها، والتصديق لها، وأنفوا عن اتباعها، والانقياد لها، والعمل بمقتضاها تكبرا {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ}؛ أي: لا تفتح لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم أبواب السماء، ولا يصعد لهم إلى الله عز وجل في وقت حياتهم قول ولا عمل؛ لأن أرواحهم وأقوالهم وأعمالهم كلها خبيثة، وإنما يصعد إلى الله سبحانه وتعالى الكلم الطيب، والعمل الصالح كما قال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}. قال ابن عباس رضي الله عنهما (١): لا تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار، وتفتح لأرواح المؤمنين. وفي رواية عن ابن عباس أيضا قال: لا يصعد لهم قول ولا عمل. وقال ابن جريج: لا تفتح أبواب السماء لأعمالهم ولا لأرواحهم.

وروى الطبري بسنده عن البراء بن عازب (٢): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض


(١) الخازن.
(٢) الخازن.