للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والرؤيا (١) ثلاثة: الرؤيا الصالحة: بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان. ورؤيا مما يحدث المرء نفسه. قال بعض العلماء: ووجه هذا القول أنا إذا حملنا قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى} على الرؤيا الصالحة الصادقة فظاهر هذا النص يقتضي أن لا تحمل هذه الحالة إلا لهم، وذلك؛ لأن ولي الله تعالى هو الذي يكون مستغرق القلب والروح بذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، ومن كان كذلك .. فإنه عند النوم لا يبقى في قلبه غير ذكر الله ومعرفته، ومن المعلوم، أن معرفة الله في القلب لا تفيد إلا الحق والصدق، فإذا رأى الولي رؤيا أو رُؤيت له كانت تلك الرؤيا بشرى من الله عَزَّ وَجَلَّ لهذا الولي. قال الخطابي: وفي هذه الأحاديث، توكيد لأمر الرؤيا وتحقيق منزلتها.

{لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: لا تغيير لأقواله على العموم، ولا إخلاف لمواعيده التي وعد بها أولياءه وأهل طاعته في كتابه وعلى ألسنة رسله {ذَلِكَ} المذكور من البشرى بسعادة الدارين {هُوَ الْفَوْزُ} والظفر {الْعَظِيمُ} الذي لا فوز وراءه، ولا يقادر قدره ولا يماثله غيره؛ لأنه ثمرة الإيمان الحق، والتقوى في حقوق الله وحقوق الخلق، والجملتان (٢)، أعني {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} و {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} اعتراض في آخر الكلام عند من يجوزه، وفائدتهما تحقيق المبشر به وتعظيم شأنه، أو الأولى اعتراضية، والثانية تذييلية.

٦٥ - {وَلَا يَحْزُنْكَ} يا محمَّد {قَوْلُهُمْ}؛ أي: قول هؤلاء المشركين، أي: إشراكهم وتكذيبهم وتهديدهم إياك، ولا يغمك تخويفهم لك؛ أي: لا تحزن لقولهم ولا تبال بما يتفوهون به في شأنك مما لا خير فيه، ولا بتكذيبهم وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك. وقرأ (٣) نافع بضم الياء وكسر الزاي، من: أحزنه يحزنه، وكلاهما بمعنى. وهذا نهي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، عن الحزن من قول


(١) الخازن.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح والبيضاوي.