للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سليمان، فما ظنك بتلاوة القرآن الذي هو أفضل الكتب الإلهية.

٥٨ - ثم أفرد سبحانه المهاجرين بالذكر، تخصيصًا لهم بمزيد الشرف، فقال: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا} وفارقوا أوطانهم، وتركوا عشائرهم {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وطاعته، وجهاد أعدائه، طلبًا لرضاه سبحانه.

وقال بعض المفسرين (١): هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. وقال بعضهم: هم الذين هاجروا من الأوطان في سرية، أو عسكر، ولا يبعد حمل ذلك على الأمرين، والكل من سبيل الله. {ثُمَّ قُتِلُوا} أي: قتلهم أعداء الله في الجهاد. قرأ ابن عامر وأهل الشام {ثم قتِّلوا} بالتشديد على التكثير. وقرأ الباقون بالتخفيف. {أَوْ مَاتُوا} في حال المهاجرة في سفر، أو حضر من غير قتل. واللام في قوله: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا} جواب قسم محذوف، والجملة القسمية وجوابها خبر قوله: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا}. وفيه دليل على وقوع الجملة القسمية خبرًا للمبتدأ؛ أي: وعزتي وجلالي ليثيبنهم الله تعالى ثوابًا جزيلًا لا ينقطع أبدًا، هو نعيم الجنة، جزاء ما ناضلوا عن دينه، وأخلصوا في الذود عنه.

{وَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} وأفضل المعطين، وأجود الأكرمين، يعطي من يشاء بغير حساب، ويرزق الخلق كافَّةً، بارهم وفاجرهم، وكل رزق يجري على يد العباد بعضهم لبعض فهو منه سبحانه، لا رزاق سواه، ولا معطي غيره. وجملة {إن} تذييلية مقررة لما قبلها. والرزق العطاء الجاري دنيويًا كان أو أخرويًا.

٥٩ - وجملة قوله: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ}؛ أي: ليدخلن الله سبحانه وتعالى المهاجرين. واللام فيه للقسم. {مُدْخَلًا} اسم مكان أريد به الجنة. قرأ أهل المدينة: مدخلًا بفتح الميم، والباقون بضمها. وانتصابه على أنه مفعول ثان، أو مصدر ميمي مؤكد للفعل المذكور. جملة مستأنفة، أو بدل من جملة ليرزقنهم الله؛ أي:


(١) الشوكاني.