وعزتي وجلالي ليدخلنهم الله سبحانه مسكنًا يحبونه لما أنهم يرون فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وذلك هو الذي يرضونه وفوق الرضا. وفي هذا من الامتنان عليهم، والتبشير لهم ما لا يقادر قدره، فإن المدخل الذي يرضونه هو الأوفق لنفوسهم، والأقرب إلى مطلبهم.
والمعنى: أي والله ليدخلن الله المقتولين في سبيله، والموتى مهاجرين في طاعة ربهم، وذودًا عن دينه جنات النعيم، ويكرمون فيها بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، لما لا ينالهم فيها مكروه، ولا أذى. كما قال: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦)} {وَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه {لَعَلِيمٌ} بدرجات العالمين، ومراتب استحقاقهم {حَلِيمٌ} عن تفريط المفرطين منهم، لا يعاجلهم بالعقوبة.
والمعنى: أي وإن الله الذي عمت رحمته، وعظمت نعمته لعليم بمقاصدهم، وأعمالهم، وأعمال أعدائهم، حليم فلم يعاجل هؤلاء المكذبين بالعقوبة جزاء تكذيبهم ومقاومتهم دعوة الدين مع غاية الاقتدار.
روي:"أن إبراهيم عليه السلام، رأى عاصيًا في معصيته فدعا عليه، وقال اللهم أهلكه ثم رأى ثانيًا وثالثًا ورابعًا فدعا عليه، فقال الله تعالى: يا إبراهيم لو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي إلا القليل، ولكن إذا عصى أمْهَلْناه فإن تاب قبلناه، وإن استغفر أخرنا العذاب عنه، لعلمنا أنه لا يخرج عن ملكنا".