للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السري الذي يخبر عنهم، وهو جهينة، فلذلك قيل: عند جهينة الخبر اليقين، وعبَّر بالماضي (١) في قوله: {إِذْ فَزِعُوا}؛ لأن المستقبل بالنسبة إلى الله تعالى كالماضي في تحقّقه، وجواب {لَوْ} محذوف تقديره: ولو ترى يا محمد حالهم وقت فزعهم من الموت، أو من عذاب الله، أو من الخسف بهم في البيداء .. لرأيت أمرًا هائلًا.

{فَلَا فَوْتَ} لهم من عذاب الله، ولا نجاة بهرب، أو بتحصن، ويدركهم ما فزعوا منه {وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} من ظهر الأرض إلى بطنها، أو من الموقف إلى النار، أو من صحراء بدر إلى قليبها؛ أي: بئرها القديمة، أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم، وحيث كانوا، فهم قريب من الله، والجملة معطوفة على فزعوا؛ أي: ولو ترى يا محمد إذ يفزع الكفار، فلا يفوتني أحد منهم، ويؤخذون من مكان قريب .. لرأيت أمرًا فظيعًا، وقرأ الجمهور (٢): {فَلَا فَوْتَ} مبنيًا على الفتح، و {أُخِذُوا} فعلًا ماضيًا، والظاهر: عطفه على {فَزِعُوا}، وقيل: على {فَلَا فَوْتَ}؛ لأن معناه: فلا يفوتوا وأخذوا، وقرأ عبد الرحمن مولى بني هاشم عن أبيه وطلحة: {فَلَا فَوْتَ}، و {أخذ} مصدرين منوّنين، وقرأ أبي: {فَلَا فَوْتَ} مبنيًا، و {أخذ} مصدرًا منوّنًا، ومن رفع {أخذ} .. فخبر مبتدأ؛ أي: وحالهما أخذ، أو مبتدأ؛ أي: وهناك أخذ، ذكره أبو حيان؛ أي: ولو رأيت أيها الرسول هؤلاء المكذبين حين يفزعون مما رأوا من العذاب الشديد .. لرأيت من الأمر ما يعجز القول عن وصفه، فهم لا يمكنون من الهرب، ولا يفوتون ذلك العذاب، ولا يجدون ملجأ ولا مأوى يبتعدون فيه، ويؤخذون حين الفزع من مكان قريب؛ أي: من الموقف إلى النار، ولم يمكَّنوا أن يُمْعِنوا في الهرب.

وفي "الفتوحات": وقوله: {وَأُخِذُوا}، وقوله: {وَقَالُوا}، وقوله: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} الثلاثة معطوفة على {فَزِعُوا}، والأربعة بمعنى الاستقبال، وعبّر فيها بالماضي لتحقق الوقوع. اهـ "شيخنا".

٥٢ - {وَقَالُوا}؛ أي: ويقول الكفار عند معاينة العذاب في


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.