للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العوائق العلمية من صعوبة الوصول إلى الملأ الأعلى، لتخلخل الهواء، واستحالة الوصول إلى الطبقات العليا من السماء، فهو إنّما يكون بالنظر إلى الأجرام والأجسام المشاهدة في عالم الحس، وإن لروحانية الأنبياء والملائكة أحكاما لم يصل العقل البشريّ إلى تحديدها، وإبداء الرأي فيها، وإنها لفوق مستوى إدراكه فأجدر بنا أن لا نطيل البحث فيها، ولا التعمق في استقصاء آثارها.

٥ - أن ما جاء في الحديث من أن الرّسول - صلى الله عليه وسلم - صلّى إمامًا بالأنبياء في عالم السموات ليرشد إلى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - جاء بشريعة، ختمت الشرائع السالفة كلها، وأتمتها، ومن أوتوها ألقوا الزعامة إليه، وصاروا مؤتمِّين به.

٦ - أن في هذا مغزى جديرًا بطول التأمل والتفكير، وهو أن جميع الأنبياء كانوا في وفاقٍ ووئام في الملكوت الأعلى بالقرب من ربهم، الذي أرسلهم أفلا يجدر بمتّبعيهم أن يقتفوا سنة رسلهم، وأن يجعلوا أمرهم بينهم سلما لا حربا، وأن يجعلوا الشريعة الأخيرة، والقانون الذي جاءت به، هو الشريعة التي يقضى بها بين الناس، كما هو المتبع في القوانين الوضعيّة، فإنّ الذي يجب العمل به هو القانون الأخير، وهو يلغي جميع ما سبقه.

٢ - ولما ذكر الله سبحانه وتعالى تشريف محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بالإسراء، ذكر عقبه تشريف موسى عليه السلام، بإنزال التوراة عليه مع ما فيه من دعوته عليه السلام إلى الطور، وما وقع فيه من المناجاة جمعا بين الأمرين المتحدين في المعنى، فقال: {وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ}؛ أي: وأعطينا موسى التوراة جملة واحدة بعد ما أسريناه إلى الطور. {وَجَعَلْناهُ}؛ أي: وجعلنا ذلك الكتاب {هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ}؛ أي: هاديًا (١) لأولاد يعقوب، يهتدون إلى الحق، والصواب بما فيه من الأحكام، وأن في قوله: {أَلَّا تَتَّخِذُوا} زائدة على قراءة التاء الفوقانية، و {لا} ناهية، والفعل مجزوم بحذف النون، والجملة: مقول لقول محذوف، والتقدير: وقلنا لهم: لا تتخذوا {مِنْ دُونِي}؛ أي: غيري، وهو أحد مفعولي {تَتَّخِذُوا} و {من} زائدة؛


(١) روح البيان.