للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كأعمال الكفار التي خسروها. فبطلت، ذكره ابن الجوزي.

واعلم: أن الباقيات الصالحات هي أعمال الآخرة كلها، ومنها الكلمات الطيبة، قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وأخذ عودًا يابسًا، وأزال الورق عنه ثم قال: "إن قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ليحط الخطايا كما يحط ورق هذه الشجرة الريح، خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن، فهن الباقيات الصالحات، وهي من كنوز الجنة".

والمعنى: أي (١) والطاعات التي بها تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، وتصل إلى القرب من الله، وقيل رضوانه خير عند ربك منفعةً وعاقبةً مما متع به أولئك الكفرة من النعم الفانية، التي يفخرون بها من مالٍ وولدٍ وجاهٍ ومنافعَ تحصل منها، فإن عاقبة الأولين السعادة الأبدية، وعاقبة أولئك الحسرة الدائمة، والعذاب المقيم.

وخلاصة هذا: أن الطاعات التي يبقى ثوابها لأهلها، خير عند ربهم جزاءً وخير عاقبةً من مقامات هؤلاء المشركين بالله، وأنديتهم التي يفخرون بها على أهل الإيمان في الدنيا،

٧٧ - ثم أردف سبحانه مقالة أولئك المفتخرين بأخرى مثلها على سبيل التعجب فقال: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا} (الهمزة) فيه (٢) للاستفهام التعجبي من حاله، والإيذان بأنها من الغرابة والشناعة بحيث يجب أن يُرى ويقضى منها العجب داخلة على محذوف و (الفاء): عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أنظرت فرأيت الذي كفر بآياتنا التي من جملتها آيات البعث {وَقَالَ} مستهزئًا بها مصدرًا كلامه باليمين والله {لَأُوتَيَنَّ}؛ أي: لأعطين في الآخرة إن بعثت {مَالًا وَوَلَدًا}؛ أي: انظر إليه يا محمد فتعجب من حالته البديعة، وجراءَته الشنيعة، والغرض من هذا الاستفهام: التعجيب، فكأنه (٣) قال: تعجب يا محمد


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الفتوحات.