للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أن القيامة على جناح الإتيان، فاتبع الكتاب يا محمد، واعمل به، وواظب على العدل، قبل أن يفاجئك اليوم، الذي يوزن فيه الأعمال، ويُوفَّى جزاؤها، وفيه زجرهم عن طول الأمل، وتنبيههم على انتظار الأجل وهجومه، نبهنا الله تعالى وإياكم أجمعين آمين.

والمراد بذلك (١): حث المؤمنين على اتباع نهج الشرع وترك مخالفته.

١٨ - روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الساعة، وعنده قوم من المشركين، فقالوا: متى الساعة: استهزاء بها، وتكذيبًا لمجيئها، فأنزل الله الآية. ويدل على ذلك قوله {يَسْتَعْجِلُ بِهَا}؛ أي: بمجيئها {الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} استعجال إنكار، واستهزاء، وتكذيب بمجيئها، ولا يشفقون منها، ويقولون متى هي، ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق، أهو الذي نحن عليه، فنفوز بالنجاة، أم الذي عليه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. فنكون من الخاسرين، فإنهم لما لم يؤمنوا بها، لم يخافوا ما فيها، فهم يطلبون وقوعها استبعادًا لقيامها، والعجلة (٢): طلب الشيء وتحريه قبل أوانه.

وبعد أن بين حال المشركين في شأنها، ذكر حال المؤمنين بها، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} وصدقوا بمجيئها {مُشْفِقُونَ مِنْهَا}؛ أي: خائفون منها، وجلون من مجيئها؛ لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم، وهم موقنون أنهم محاسبون، ومجزيون على أعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر {وَيَعْلَمُونَ} علم اليقين {أَنَّهَا}؛ أي: أن مجيئها {الْحَقُّ} لا ريب فيه، فهم يستعدون له ويعملون من أجله، ونحو الآية قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)}.

رُوي أن رجلًا، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوت جهوري، وهو في بعض أسفاره، فقال: يا محمد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بنحو من صوته: "هاؤم" فقال له: متى الساعة؟ فقال له: "إنها كائنة، فما أعددت لها"؟ فقال: حب الله، ورسوله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنت مع من أحببت".

ثم بين ضلال الممارين فيها فقال: {أَلَا} انتبهوا واعلموا {إِنَّ الَّذِينَ}


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.