للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: وإذا عاين هؤلاء الذين كذّبوا وجحدوا نبوة الأنبياء - وهم من - كانوا على نهج قومك من المشركين - عذاب الله .. فلا ينجيهم منه شيء، إذ لا يؤذن لهم بالاعتذار فيعتذرون، فيخفف عنهم بهذا العذر الذي يدعون، ولا يرجؤون بالعقاب، لأن وقت التوبة والإنابة قد فات، وإنما ذلك وقت الجزاء على الأعمال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)}.

ونحو الآية قوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)} وقوله: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤)}. الثبور: الهلاك.

٨٦ - ثم أخبر سبحانه عن إلقاء المشركين تبعة أعمالهم على معبوداتهم فقال: {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا}؛ أي: إذا أبصروا يوم القيامة {شُرَكَاءَهُمْ}؛ أي: الأصنام التي يسمونها شركاء الله تعالى، وأوثانهم التي عبدوها .. {قَالُوا}؛ أي: قال المشركون يا {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ} الأصنام {شُرَكَاؤُنَا}؛ أي: آلهتنا التي جعلناها شركاء لك في الدنيا {الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو} هم ونعبدهم {مِنْ دُونِكَ}؛ أي: متجاوزين عبادتك؛ أي: هؤلاء الذين كنا نقول: إنهم شركاء الله في المعبودية، وهذا (١) اعترافٌ بأنهم كانوا مخطئين في ذلك، والتماس بتوزيع العذاب بينهم.

أي: وإذا رأى هؤلاء المشركون بالله يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دونه من الأوثان والآلهة التي عبدوها .. قالوا: هؤلاء شركاؤنا في الكفر بك، والذين كنا ندعوهم آلهةً من دونك، وربما يكونون قد قالوا هذه المقالة طمعًا في توزيع العذاب بينهم، أو إحالة الذنب عليهم، تعللًا بذلك واسترواحًا، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة، ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه.


(١) روح البيان.