هو عليه هو الصراط المستقيم، هذا إن كان في عداد المقصرين ومن جملة الجاهلين.
وإن كان من أهل العلم والفهم المميِزين بين الحق والباطل .. كان باتباعه لأهوتيهم ممن أضله الله على علم، وختمَ على قلبه، وصار نقمةً على عباد الله، ومصيبةً صبّها الله على المقصرين؛ لأنهم يعتقدون أنه في علمه وفهمه لا يميل إلّا إلى الحق، ولا يتبع إلّا الصواب فيضلّون بضلاله، فيكون عليه إثمه وإثم من اقتدى به إلى يوم القيامة. نسأل الله اللطف والسلامة والهداية. انتهى.
١٤٦ - {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ}؛ أي: أعطيناهم علم التوراة والإنجيل {يَعْرِفُونَهُ}؛ أي: يعرفون محمدًا - صلى الله عليه وسلم - معرفةً جليةً واضحةً، يميزون بينه وبين غيره بالوصف المعين الذي يجدونه في كتابهم، أو يعرفون القرآن، أو تحويل القبلة. والأول أظهر؛ لقوله:{كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}؛ أي: يعرفون أنهم منهم، وأنهم من نسلهم؛ أي: يعرفونه بأوصافه كمعرفتهم أبناءهم، لا يلتبس عليهم بغيره.
روي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعبد الله بن سلام رضي الله عنه: كيف هذه المعرفة المذكورة في هذه الآية؟ فقال عبد الله: يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني، ومعرفتي بمحمدٍ أشد من معرفتي بابني، فقال عمر: فكيف ذلك؟ فقال: أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، وقد نعته الله تعالى في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء، فقبّل عمر رأسه وقال: وفقك الله يا أبا سلام، فقد صدقت.
{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ}؛ أي: وإن جماعةً من أهل الكتاب - وهم علمائهم - {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ}؛ أي: ليخفون الأمر الحق الذي هو نعتُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعلنونه للناس، أو ما هو أعم منه {وَهُمْ}؛ أي: والحال أنهم {يَعْلَمُونَ}؛ أي: يعرفون ذلك الحق بما يجدونه في كتابهم، أو يعلمون أن كتمان الحق معصية.
١٤٧ - {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} قرأ الجمهور: برفع {الْحَقُّ} على أنه مبتدأ، والخبر {مِنْ رَبِّكَ}، و (اللام)(١): إما للعهد؛ أي: الحق الذي أنت عليه يا محمد، أو الحق