إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد، أو: إنا ننقلب إلى لقاء ربنا ورحمته، وخلاصنا منك ومن لقائك، أو: إنا ميّتون منقلبون إلى الله فلا نبالي بالموت، إذ لا تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بد لنا منه. انتهى.
وقد يكون المعنى: إنا وإياك سننقلب إلى ربنا، وما أنت بمخلّد بعدنا، فلئن قتلتنا .. فسيحكم الله بعدله بينك وبيننا، وما أحسن قول الشاعر:
إلى ديّان يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
وفي هذا إيماء إلى تكذيبه في دعوى الربوبية، وتصريح بإيثار ما عند الله على ما عنده من الشهوات الدنيوية الزائلة.
وما جاء في سورة الشعراء من قولهم: {قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)} يؤيد المعنى الأول.
١٢٦ - {وَما تَنْقِمُ مِنَّا}؛ أي: وما تكره منا {إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا}؛ أي: إلا إيماننا وتصديقنا بآيات ربنا ومعجزاته، التي ظهرت على يد عبده ورسوله موسى عليه السلام {لَمَّا جاءَتْنا}؛ أي: حين جاءتنا على يد موسى؛ أي: ما تعيب علينا إلا إيماننا بآيات ربنا، أو: ما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه إلا إيماننا بآيات ربنا حين جاءتنا، وهذا الاستثناء شبيه بقوله:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب
والخلاصة: أي وما تعيب منا وما تنكر منا إلا خير الأعمال، وأصل المفاخر، الذي هو الإيمان بالله تعالى، ومثل هذا لا يمكن العدول عنه مرضاة لك، ولا طلبا للزلفى إليك، وفيه تيئيس له، وكأنهم قالوا: لا مطمع لك في رجوعنا عن إيماننا، وإنّ تهديدك لا يجدي فائدة.
وقرأ الحسن وأبو حيوة وأبو اليسر هاشم، وابن أبي عبلة (١): {وما تنقم} بفتح القاف، مضارع نقم بكسرها، وهما لغتان، والأفصح قراءة الجمهور.
وقد ختم الله سبحانه وتعالى كلام السحرة بدعائهم بقولهم:{رَبِّنا} ويا