للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثواب العظيم في الآخرة بقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)} ووعدكم أنكم ستملكون أرض الجبارين ودياهم.

قال في "بحر العلوم" {وَعْدًا حَسَنًا}؛ أي: متناهياً في الحسن، فإنه تعالى وعدهم أن يعطيهم التوراة، التي فيها هدًى ونور، ولا وعد أحسن من ذلك وأجمل.

وفيه إشارة (١) إلى أن الله تعالى إذا وعد قومًا .. لا بد له من الوفاء بالوعد، فيحتمل أن يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم، وبلاءً لهم، كما كان لقوم موسى، إذ وعدهم الله بإيتاء التوراة، ومكالمته موسى وقومه السعبين المختارين، فلما وفي به .. تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه، وهي الضلال وعبادة العجل، ولكن الوعد لما كان موصوفًا بالحسن .. كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاءً حسنًا، وكان عاقبة أمرهم التوبة والنجاة، ورفعة الدرجات.

و (الهمزة) في قوله: {أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} للاستفهام الإنكاري: داخلة على محذوف و (الفاء): عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أوعدكم وعدًا حسنًا، فطال عليكم زمان إنجاز العهد، فأخطأتم بسببه {أَمْ أَرَدْتُمْ} وقصدتم {أَنْ يَحِلّ} وينزل {عَلَيْكُمْ غَضَبٌ}؛ أي: عذاب عظيم، وانتقام شديد، كائن {مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي: من مالك أمركم على الإطلاق، بسبب عبادة ما هو مثل في الغباوة والبلادة؛ أي: أم أردتم أن تفعلوا فعلًا يكون سبب حلول غضب الله عليكم {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}؛ أي: وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به إلى أن أرجع من الميقات، على إضافة المصدر إلى مفعوله، و (الفاء) لترتيب ما بعدها على كل واحد، من شقي الترديد على سبيل البدل، كأنه قيل: أنسيتم الوعد بطول العهد، فاخلفتموه خطأ، أم أردتم حلول الغضب عليكم، فأخلفتموه عمدًا.

لأنهم وعدوه أن يقيموا على طاعة الله عز وجل إلى أن يرجع إليهم من الطور،

٨٧ - وقيل: وعدوه أن يأتوا على أثره إلى الميقات، فتوقفوا، فأجابوه و {قَالُوا


(١) روح البيان.