للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ}؛ أي: وعدنا إياك الثبات على ما أمرتنا به {بِمَلْكِنَا}؛ أي: بقدرتنا واختيارنا.

لكن غلبنا من كيد السامري وتسويله، وذلك أن المرء إذا وقع في البلية والفتنة .. لم يملك نفسه، ويكون مغلوبًا، والملك: القدرة.

والمعنى (١): أي قالوا: ما أخلفنا عهدك بالثبات على دينك، إلا لأنا لم نملك أمرنا، فلو خلينا وأنفسنا, ولم يسول لنا السامري ما سوله .. لما أخلفنا، وفي هذا إيماء إلى أنهم أقروا على أنفسهم بالخطأ، وأنهم لم يطيقوا حمل أنفسهم على الصواب، ومن ثم وقعوا فيما وقعوا فيه من الفتنة.

وقصارى كلامهم: أن السامري سول لنا ما سول، وغلب على عقولنا فخالفنا عهدك، وقرأ الأخوان (٢): الكسائي وحمزة، والحسن، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وقعنب: {بِمَلْكِنَا} بضم الميم، وقرأ زيد بن علي، ونافع، وعاصم، وأبو جعفر، وشيبة، وابن سعدان: بفتحها وباقي السبعة: بكسرها، وقرأ عمر - رضي الله عنه -: {بِمَلَكِنَا} بفتح الميم واللام، وحقيقته: بسلطاننا، فالملك والملك، بمنزلة النَّقَض والنَّقْض، والظاهر: أنها لغات، والمعنى واحد.

وفرق أبو علي، وغيره بين معانيها، فمعنى الملك بالضم: السلطان والقدرة؛ أي: إنه لم يكن لنا ملك فتخلف موعدك بسلطانه، وإنما أخلفناه بنظر أدى إليه ما فعل السامري، والملك بالفتح: المصدر، يقال: ملكت الشيء أملكه ملكًا، والمعنى: ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب، ولا وقفنا له، بل غلبتنا أنفسنا، والملك بالكسر: ما حوته اليد، وكثر استعماله فيما تحوزه اليد، ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان، ومعناها: كمعنى التي قبلها، والمصدر: في هذين الوجهين: مضاف إلى الفاعل، والمفعول: مقدر؛ أي: بملكنا الصواب


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.