السلام، كما في «أنوار المشارق». وهو ذو النون، وصاحب الحوت؛ لأنه التقمهُ.
وأما ذو النون المصري من أولياء هذه الأمة. فقيل: إنما سمي به لأنه ركب سفينة مع جماعة، فقد واحدٌ منهم ياقوتًا فلم يجده، فآل رأيهم إلى أن هذا الرجل الغريب قد سرقه، فعوتب عليه، فأنكر الشيخ فحلف، فلم يصدقوه، بل أصروا على أنه ليس إلا فيه، فلما اضطر توجه ساعة، فأتى جميع الحوت من البحر في فيها يواقيت. فلما رأوا ذلك اعتذروا عن فعلتهم، فقام وذهب إلى البحر، ولم يغرق بإذن الله تعالى. فسمي ذا النون.
{لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إلى بقية ثمود. وهم أهل نينوى بكسر النون الأولى وفتح الثانية. وقيل: بضمها قرية على شاطىء دجلة في أرض الموصل. ولما بعث إليهم دعاهم إلى التوحيد أربعين سنة، وكانوا يعبدون الأصنام، فكذبوه وأصروا على ذلك، فخرج من بين أظهرهم، وأوعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث أو بعد أربعين ليلة. ثم إن قومه لما أتاهم أمارات العذاب، بأن أطبقت السماء غيمًا أسود يدخن دخانًا شديدًا، ثم يهبط حتى يغشى مدينتهم، حتى إذا صار بينهم وبين العذاب قدر ميل، أخلصوا الله تعالى بالدعاء والتضرع، بأن فرقوا بين الأمهات والأطفال، وبين الأتن والجحوش، وبين البقر والعجول، وبين الإبل والفصلان، وبين الضأن والحملان، وبين الخيل والأفلاء، ولبسوا المسوح، ثم خرجوا إلى الصحراء متضرعين ومستغفرين حتى ارتفع الضجيج إلى السماء، فصرف الله عنهم العذاب، وقبل توبتهم. ويونس ينتظر هلاكهم، فلما أمسى سأل محتطبًا مر بقومه كيف كان حالهم؟ فقال: هم سالمون وبخير وعافية وحدثه بما صنعوا، فقال: لا أرجع إلى قوم قد كذبتهم، وخرج من ديارهم مستنكفًا خجلًا منهم، ولم ينتظر الوحي، وتوجه إلى جانب البحر،
١٤٠ - وذلك قوله تعالى:{إِذْ أَبَقَ}. والظرف متعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يا محمد قصة وقت إباقه؛ أي: هربه، ولا يصح تعلقه بالمرسلين؛ لأنه لم يرسل إذا أبق. وأصله: الهرب من السيد، لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه حسن إطلاقه عليه بطريق