أحقابًا، والحقب: بضع وستون سنة، والسنة ثلاث مئة وستون يومًا كألف سنة مما تعدون، فلا يتكلن أحد أن يخرج من النار". انتهى.
والحاصل: أن الأحقاب يدل على التناهي، فهو وإن كان جمع قلة .. لكنه بمنزلة جمع الكثرة، وهو الحقوب، أو بمنزلة الأحقاب المعرف بلام الاستغراق، ولو كان فيه ما يدل على خروجهم منها، فدلالته من قبل المفهوم، فلا يعارض المنطوق الدال على خلود الكفار، كقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)}؛ لأن المنطوق يرجح على المفهوم فلا يعارضه، وقال أبو حيان المدة منسوخة بقوله:{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا}. انتهى. ويجوز (١) أن يكون {أَحْقَابًا} ليس بظرف أصلًا، بل هو حال من الضمير المستكن في {لَابِثِينَ} بمعنى: حقبين؛ أي: نكدين محرومين من الخير والبركة في السكون والحركة، على أن يكون جمع حقب - بفتح الحاء وكسر القاف - من حقب الرجل إذا حرم الرزق، وحقب العام: إذا قل خيره ومطره. وقوله {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا} تفسير لكدهم، ولا يتوهم حينئذٍ تناهي مدة لبثهم فيها حتى يحتاج إلى التوجيه السابق، هذا ما قالوه في هذا المقام، وقد أطالوا فيه بما لا يسع له هذا المختصر،
٢٦ - وقوله: {جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦)} مصدر مؤكد لعامله المحذوف؛ أي: جوزوا بذلك جزاءً وفاقًا، أو جازيناهم بذلك جزاءً وفاقًا لأعمالهم وأخلاقهم كأنه نفس الوفاق مبالغة، أو ذا وفاق لها على حذف المضاف، أو جزاءً موافقًا لها، أو وافقها وفاقًا، فيكون {وِفَاقًا} مصدرًا مؤكدًا لفعله كـ {جزاء}، والجملة صفة الجزاء. وجه الموافقة بينهما: أنهم أتوا بمعصية عظيمة، وهي الكفر، فعوقبوا عقابًا عظيمًا، وهو التعذيب بالنار، فكما أنه لا ذنب أعظم من الشرك، فكذا لا جزاء أقوى من التعذيب بالنار، كما قال:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} فتوافقا، وقيل: كان وفاقًا حيث لم يزد على قدر الاستحقاق، ولم ينقص عنه.
وقرأ الجمهور:{وِفَاقًا} بتخفيف الفاء. وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة بشدها من: وفقه، كذا قال سعدي المفتي.
اعلم: أن الكفار لما كان من نيتهم الاستمرار على الكفر، كما سيشير إليه