للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بال الإنسان العاقل يمشي على الأرض وهو غافل انتهى.

{أَوْ} أمنوا أن {يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ}؛ أي: عذاب الاستئصال {مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} به؛ أي: من جهة لا تخطر ببالهم، فيهلكهم بغتةً كما فعل بقوم لوط وغيرهم،

٤٦ - {أَوْ} أمنوا أن {يَأْخُذَهُمْ} الله سبحانه بالعقوبة {فِي تَقَلُّبِهِمْ}؛ أي: في حالة تحركهم في أسفارهم إقبالًا وإدبارًا، فهو حال أو المفعول؛ أي: حالة كونهم متقلِّبين في أسفارهم، والتقلب الحركة إقبالًا وإدبارًا اهـ "شهاب"، فإنَّه سبحانه (١) وتعالى قادر على أن يهلكهم في السفر، كما يهلكهم في الحضر، وهم لا يفوتونه بسبب ضربهم في الأرض، وبعدهم عن الأوطان، وقيل: المراد في حال تقلبهم في قضاء أوطارهم بوجود الحيل، فيحول الله بينهم وبين مقاصدهم وحيلهم، وقيل: في حال تقلبهم في الليل على فرشهم، وقيل: في حال إقبالهم وإدبارهم، وذهابهم ومجيئهم بالليل والنهار، وقيل غير ذلك.

{فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ}؛ أي: فإذا أخذهم بالعقوبة بأيِّ سبب وفي أيِّ حالةٍ .. فما هم بناجين من عذاب الله القهار، سابقين قضاءه بالهرب والفرار على ما يوهمه التقلب والسير في الديار.

٤٧ - {أَوْ} أمنوا أن {يَأْخُذَهُمْ} الله سبحانه وتعالى بالعذاب حالة كونهم {عَلَى تَخَوُّفٍ} وتوقع؛ أي: مخافة من وقوع العذاب، بأن يكونوا متوقعين للعذاب حذرين منه، غير غافلين عنه، بأن يهلك قومًا قبلهم فيتخوفوا، فيأتيهم الله به وهم متخوفون، وقيل: معنى {عَلَى تَخَوُّفٍ}؛ أي: على تنقصٍ، قال ابن الأعرابي: أي تنقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات.

والمعنى (٢): أو يأخذهم على أن ينقصهم شيئًا بعد شيء في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا، ولا يهلكهم في حالة واحدة، فيكون المراد مما قبله عذاب الاستئصال، ومنه الأخذ شيئًا فشيئًا، والمراد بذكر الأحوال الثلاث بيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم بأيِّ وجهٍ كان، لا الحصر فيها.


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.