[الفصل التاسع والعشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، وشرائط المعجزة، وحقيقتها]
المعجزة: واحدة معجزات الأنبياء الدالّة على صدقهم - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وسمّيت معجزة؛ لأنّ البشر يعجزون عن الإتيان بمثلها.
وشرائطها: خمسة: فإن اختلّ منها شرط لا تكون معجزة.
فالشرط الأوّل: من شروطها: أن تكون مما لا يقدر عليها إلّا الله تعالى، وإنما وجب حصول هذا الشرط للمعجزة؛ لأنّه لو أتى آت في زمان مجيء الرّسل، وادّعى الرسالة، وجعل معجزته أن يتحرّك، ويسكن، ويقوم، ويقعد، لم يكن هذا الذي ادّعاه معجزة له، ولا دالّا على صدقه؛ لقدرة الخلق على مثله، وإنما يجب أن تكون المعجزات مما لا يقدر عليه البشر، كفلق البحر، وانشقاق القمر.
والشرط الثاني: أن تخرق العادة، وإنما وجب اشتراط. ذلك؛ لأنّه لو قال المدعي للرسالة: آيتي مجيء الليل بعد النهار، وطلوع الشمس من مشرقها، لم يكن فيه ادعاء معجزة؟ لأن هذه الأفعال وإن كان لا يقدر عليها إلّا الله، فلم تفعل من أجله، وقد