للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحد منهم، كأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم، والمعنى: أنه يلحق بهم الصلحاء من أبويهم {و} من {أَزْوَاجِهِمْ} اللاتي متن في عصمتهم ونكاحهم سواء متن قبلهم أم لا {و} من {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} وأولادهم وإن لم يبلغوا مبلغ فضلهم تبعًا لهم وتعظيمًا لشأنهم، وتكميلًا لفرحهم؛ لأن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بحضور أهله معه في الجنة، وإن لم يعملوا مثل أعمالهم.

والمعنى: أي ويجمع فيها بينهم وبين أحبابهم من الآباء والأزواج والأبناء ممن عمل صالحًا لتقرَّ بهم أعينهم، ويزدادوا سرورًا برؤيتهم حتى لقد ورد أنهم يتذاكرون أحوالهم في الدنيا، فيشكرون الله على الخلاص منها. وفي الآية إيماء (١) إلى أنه في ذلك اليوم لا تجدي الأنساب إن لم يسعفها العمل الصالح، فالآباء والأزواج والذرية لا يدخلون الجنة إلا بعملهم، وقد أشار إلى ذلك الكتاب الكريم: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.

ثم ذكر ما لهم من الكرامة فيها بتسليم الملائكة عليهم، فقال: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} من أبواب المنازل التي يسكنونها في قدر (٢) كل يوم وليلة ثلاث مرات بالهدايا وبشارات الرضا؛ أي: وتدخل عليهم الملائكة من ها هنا وهنا للتسليم عليهم والتهنئة بدخول الجنة والإقامة في دار السلام في جوار الصديقين والأنبياء والمرسلين.

٢٤ - وجملة قوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} محكية لقول محذوف تقديره: أي: قائلين لهم سلام عليكم؛ أي: أمان عليكم من المكاره والمخاوف التي تحيق بغيركم {بِمَا صَبَرْتُمْ} متعلق بـ {عَلَيْكُمْ}، أو بمحذوف؛ أي: هذه الكرامة العظمى بسبب صبركم على الطاعات وترك المحرمات وعلى المحن والمتاعب والآلام التي لاقيتموها في دار الحياة الدنيا {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}؛ أي: نعم عاقبة الدار التي كنتم عملتم فيها هذه الكرامات التي ترونها، والمخصوص بالمدح الجنة؛ أي: فنعمت الجنة التي أعقبت وعوضت لكم عن الدار التي عملتم فيها هذه الأعمال الصالحة وهي دار الدنيا.


(١) المراغي.
(٢) النسفي.