للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهلها، وقد تغور بلاد واسعة، فيطمو عليها البحر، وتزول هي وما فوقها من نبات وحيوان وإنسان. وقد تنشق الأرض فتبتلع مدنًا بأسرها.

والخلاصة (١): أن هذه المدن كانت قاعدة لملوك جبارين، وكانت ذات غناء وغياض غنية، بوفرة مائها وخيراتها، وشمل أهلها الفساد، ورتعوا في شهواتهم البهيمية، ولم يبق فيها بر إلا لوط وأهله، فانتقم الله منهم فأمطر عليهم نارًا وكبريتًا من السماء، فألهب البراكين النارية التي فيها، فعجلت دمارهم وخسفت الأرض بهم، وظهرت البحيرة على ما نراه الآن.

قصص شعيب عليه السلام

١٧٦ - {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) أي: شعيبًا ومن قبله عليهم السلام، أو الجمع للتعظيم، أو لأن من كذب رسولًا فكأنما كذب الجميع، كما مر مرارًا. والأيكة (٢): الغيضة التي تنبت ناعم الشجر، كالسدر والأراك، وهي غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة من الناس، فبعث الله إليهم شعيبًا بعد بعثه إلى مدين، ولكن لما كان أخا مدين في النسب .. قال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}،

١٧٧ - ولما كان أجنبيًا من أصحاب الأيكة .. قال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} ولم يقل: أخوهم شعيب، وهو شعيب بن ثويب بن مدين بن إبراهيم عليه السلام، أو هو ابن ميكيك بن يشجر بن مدين بن إبراهيم الخليل، وأم ميكيك بنت لوط.

ووقع لفظ الأيكة في القرآن في أربع مواضع (٣)، في الحجر، وفي ق، وهنا، وفي ص، والأولان بأل وبالجر لا غير، والآخران يقرآن بأل وبالجر (٤)، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر في هذه السورة، وفي ص خاصة {ليكة} بلام واحدة وفتح التاء، وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث، واللام جزء الكلمة، وهو اسم البلدة لأصحاب الحجر. وقال أبو عبيدة: إن ليكة اسم للقرية التي كانوا عليها، والأيكة اسم للبلاد كلها، كمكة وبكة. وقرأ باقي السبعة {لْئَيْكَةِ} بلام


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الفتوحات.
(٤) المراح والبحر المحيط.