للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إشعار بعلة الحكم.

والمعنى (١): أن هؤلاء الموصوفين بعدم الإيمان بالآخرة عن ذلك الصراط، أو جنس الصراط لعادلون عنه.

٧٥ - ثم بيّن سبحانه أنهم مصرون على الكفر، لا يرجعون عنه بحال. فقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا}؛ أي: أزلنا عنه {مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ}؛ أي: من سوء الحال، يعني: القحط والجدب الذي أصابهم وغلب عليهم، {لَلَجُّوا}؛ أي: لتمادوا {فِي طُغْيَانِهِمْ} وضلالهم حالة كونهم {يَعْمَهُونَ} يترددون ويتذبذبون في طغيانهم، ويتخبطون فيه. وأصل اللجاج التمادي في العناد، ومنه اللجّة بالفتح لتردد الصوت، ولجة البحر تردد أمواجه، ولجة الليل تردد ظلامه. وأصل (٢) العمه: التردد في الأمر من التحير؛ أي: عامهين عن الهدى، مترددين في الضلالة، لا يدرون أين يتوجهون، كمن يضل عن الطريق في الفلاة، لا رأي له ولا دراية بالطريق.

والمعنى: أي ولو كشفنا عنهم ما أصابهم، من جوع وسائر مضار الدنيا، لتمادوا في ضلالهم، وهم متحيرون عن الهدى، لا يبصرون الحق. وقد كان الأمر كذك. وقيل المعنى؛ أي: إنهم بلغوا في التمرد والعناد حدًا لا يرجى معه صلاح لهم، ولو أنهم ردوا من الآخرة إلى الدنيا ولم ندخلهم النار .. لعادوا لما نهوا عنه لشدة لجاجهم وتدنيسهم لأنفسهم. وهذا (٣) القول بعيد، والظاهر أن هذا التعليق إنما يكون في الدنيا،

٧٦ - ويدل على ذلك قوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} جملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها. واللام فيه موطئة للقسم.

والعذاب (٤) قيل: هو الجوع الذي أصابهم في سني القحط، وقيل: المرض. وقيل: القتل يوم بدر، واختاره الزجاج. وقيل: الموت، وقيل: المراد من أصابه العذاب من الأمم الخالية؛ أي: وعزتي وجلالي لقد أخذنا أهل مكة


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.
(٤) الشوكاني.