للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسلمين أشد الإيذاء، ويوصلون إليهم أنواع المكاره والتعذيب، وما أحد من المسلمين فيها قدر على الهجرة؛ لأنهم يصدونهم عنها، ويعذبون مريديها عذابًا شديدًا، {وَاجْعَلْ لَنَا} يا إلهنا {مِنْ لَدُنْكَ}؛ أي: من عندك {وَلِيًّا} من المسلمين يتولى أمورنا، ويقوم بمصالحنا، ويحفظ علينا ديننا {وَاجْعَلْ لَنَا} يا خالقنا {مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}؛ أي: ناصرًا من المؤمنين ينصرنا على أعدائنا، وقد استجاب الله دعاءهم فيسر لبعضهم الخروج، وبقي بعضهم إلى أن فتحت مكة، وولى النبي - صلى الله عليه وسلم - عتاب بن أسيد، وكان ابن ثماني عشرة سنة، فكان ينصر المظلومين على الظالمين، وينصف الضعيف من القوي، والذليل من العزيز، وكان الولي (١) هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنصير عتاب بن أسيد.

٧٦ - وما شُرع القتال إلا لعدم حرية الدين، وظلم المشركين للمسلمين، فالقتال قبيح ولا يجيزه العقل السليم إلا لإزالة قبيح أشد منه ضررًا، والأمور بمقاصدها وغاياتها، كما قال تشجيعًا للمجاهدين وترغيبًا لهم في الجهاد. {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهذا كلام مستأنف، سيق لترغيب المؤمنين في الجهاد؛ أي: إنما يقاتل الذين آمنوا لأجل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} والشيطان؛ أي: إنما يقاتل الذين كفروا لنصرة دين الشيطان وكلمة الباطل، واتباعًا لوسوسته وتزيينه الكفر، فلو ترك المؤمنون القتال .. لغلب الطغيان وعم الفساد، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}. ثم حث مرة أخرى على القتال، وبين لهم ضعف عدوهم فقال: {فَقَاتِلُوا} أيها المؤمنون وأولياء الرحمن {أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} وأصحابه الذين زين لهم الشيطان بوسوسته وخداعه الباطل، وأن في الظلم وإهلاك الحرث والنسل شرفًا لهم أيما شرف، {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ} ومكره للمؤمنين {كانَ ضَعِيفًا} بالنسبة إلى مكر الله سبحانه وتعالى للكافرين، فالنصر والظفر لأوليائه، والهزيمة والخذلان للكافرين، فلا تخافوا أولياء الشيطان وخافون إن كنتم مؤمنين.


(١) المراح.