وغيره. وقرأ بها أبو حيوة والنخعي وابن أبي عبلة، وأبو البرهشيم. وقرأ الجمهور:{أُنْزِل} في الموضعين مبنيًّا للمفعول، وقرأه فيهما أبو نهيك مبنيًّا للفاعل، وقرأ نعيم بن ميسرة:{وإن أكثركم فاسقون} بكسر الهمزة على الاستئناف، وهو واضح، المعنى بمعنى أمره تعالى أن يقول لهم هاتين الجملتين، وتضمنت الأخبار بفسق أكثرهم وتمردهم. وقرأ الجمهور بفتح همزة أن على أنها في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: وفسق أكثركم ثابت معلوم عندكم؛ لأنكم علمتم أنَّا على الحق وأنكم على الباطل، إلا أن حب الرياسة والرشا يمنعكم من الاعتراف، أو في موضع نصب عطافًا على أن آمنا، إلا أنَّه حذف مضاف تقديره: واعتقادنا فيكم أن أكثركم فاسقون، أو في موضع جر عطفًا على علة محذوفة، والتقدير: ما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم وكثرة فسقكم،
٦٠ - ثم رد على الاستفهام التهكمي باستفهام تهكمي مثله فقال:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ}؛ أي: قل لهم يا محمد هل أخبركم أيها المستهزئون بديننا وأذاننا {بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: بمن هو شر وأقبح مثوبة وجزاء عند الله تعالى من ذلك القوم الذين اتخذتم دينهم وأذانهم هزوًا ولعبًا يعني: المؤمنين، واستعمال المثوبة في الجزاء الحسن، أكثر من استعمالها في الجزاء السيء كما هنا، وقيل إن استعمالها في الجزاء السيء من باب التهكم والإزدراء كقوله:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وهذا السؤال يستدعي سؤالًا منهم عن ذلك الذي هو شر، فكأنهم سألوه وقالوا من هو؟ فأجابهم بقوله:{مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ}؛ أي: الذي هو شر من ذلك القوم الذين اتخذتم دينهم هزوًا ولعبًا من لعنه الله سبحانه، وطرده وأبعده من رحمته {وَغَضِبَ عَلَيْهِ}؛ أي: وانتقم منه؛ لأن الغضب إرادة الانتقام من العصاة، أو سخط عليهم بكفرهم وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ}؛ أي: مسخ بعضهم قردة، وهم أصحاب السبت في زمن داود، وهم اليهود. {و} مسخ بعضهم {الخنازير} وهم كفار أهل مائدة عيسى، بعد أكلهم من المائدة، وقيل (١): كلا المسخين في أصحاب السبت مسخت شبانهم قردة،