للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أوصافنا إلا إيماننا بما ذكر واعتقادنا بأن أكثركم خارجون من الإيمان بما ذكر، فإن الكفر بالقرآن مستلزم بالكفر بما يصدقه بلا شك، ويجوز (١) أن تكون الواو بمعنى مع، أي: وما تنقمون منا إلا الإيمان باللهِ وبما ذكر معه، مع أن أكثركم فاسقون. وعبارة (٢) الخازن: يعني إنَّما كرهتم إيماننا ونقمتوه علينا، مع علمكم بأنا على الحق بسبب فسقكم وإقامتكم على الدين الباطل لحب الرياسة، وأخذ الأموال بالباطل، وإنما قال: أكثركم، لأن الله علم أن من أهل الكتاب من يؤمن باللهِ وبرسوله.

وعبارة المراغي هنا: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا ...} الآية؛ أي: قل يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى هل من شيء تعيبونه علينا، وتكرهوننا لأجله إلا إيماننا الصادق بالله وتوحيده، وإثبات صفات الكمال له، وإيماننا بما أنزل إلينا، وبما أنزل من قبلي على رسله لقلة إنصافكم، ولأن أكثركم فاسقون خارجون عن حظيرة الإيمان الصحيح، وليس لكم من الدين إلا العصبية الجنسية، والتقاليد الباطلة.

والخلاصة: أنَّه ما عندنا سوى ذلك، وهذا مما لا يعاب ولا ينقم منه، بل يمدح صاحبه ويكرم، لكنكم لفسقكم وخروجكم من حظيرة الدين الصحيح عبتم الحسن من غيركم، ورضيتم بالقبيح من أنفسكم وفي قوله: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} إشارة إلى أن الحكم بالفسق عليهم ليس على العموم بل على الأكثر فقط؛ لأنَّه قد كان في أهل الكتاب ناس لا يزالون معتصمين بأصول الدين وجوهره من التوحيد وحب الحق والعدل، وهؤلاء هم الذين سارعوا إلى الإِسلام عندما عرفوا حقيقة أمره، وتجلى لهم صدق الداعي إليه.

وقرأ الجمهور (٣): {تَنْقِمُونَ} بكسر القاف، والماضي نَقَم بفتحها، في التي ذكرها ثعلب في الفصيح، ونقم بالكسر ينقم بالفتح لغة حكاها الكسائي


(١) النسفي.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.