للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَلاَ الدُّنْيَا بِبَاقِيَةٍ لِحَيِّ ... وَلاَ حَييٌّ عَلَى الدُّنْيَا بِبَاقِ

كَأَنَّ الْمَوْتَ وَالْحَدَثَانِ فِيْهَا ... إلى نَفْسِ الْفَتَى فَرَسَا سِبَاقِ

فَيَا مَغْرُوْرُ بِالدُّنْيَا رُويدًا ... وَمِنْهَا خُذْ لِنَفْسِكَ بِالْوِثَاقِ

ثم رمق السماء بعينيه، وأشار إليها بكفيه، ودموعه تتحدر على خديه، وهو يقول:

يَا مَنْ إِلَيْهِ الْمُبْتَهَلْ ... يَا مَنْ عَلَيْهِ الْمُتَّكَلْ

يَا مَنْ إِذَا مَا آمِلٌ ... يَرْجُوْهُ لَمْ يُخْطِ الأَمَلْ

قال: فلما أتمّ كلامه، خر مغشيًا عليه، فرفعت رأسه إلى حجري ونفضت التراب عن وجهه بكمي، فلما أفاق قلت له: أي بني ما نزل بك وأنت صبي صغير، لم يكتب عليك ذنب؟ قال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم، قال: فسألت عنه؛ فقالوا: ذلك من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. قلت: قد عجبت من أن تكون هذه الثمرة إلا من تلك الشجرة. نفعنا الله تعالى بعلمه، وبعلوم آبائه، آمين.

وقرأ الأخوان حمزة والكسائي (١) {لَا تُرْجَعُونَ} بفتح التاء مبنيًا للفاعل. وقرأ باقي السبعة ابن كثير وأبو عمرو وعاصم، بضم التاء مبنيًّا للمفعول. وقيل (٢): إنه يجوز عطف , {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} على {عَبَثًا} معنى: إنما خلقناكم للعبث ولعدم الرجوع.

١١٦ - ثم نزّه الله نفسه عما يصفه به المشركون، فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ} سبحانه؛ أي: ترفع بذاته عن كل ما لا يليق به، من الصاحبة والولد والشريك، وتنزه عن مماثلة المخلوقين فى ذاته وصفاته وأفعاله، وعن خلو أفعاله عن الحكم


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.