كذلك، بأن تكون ثيابه نقية ووجهه وجه غني. وفي "مختصر الكرخي" أوصى بثلث ماله للبائس الفقير والمسكين. قال: فهو يقسم إلى ثلاثة أجزاء، جزءٌ للبائس وهو الذي به الزمانة إذا كان به محتاجًا. والفقير المحتاج الذي لا يعرف بالأبواب، والمسكين الذي يسأل ويطوف، وعن أبي يوسف إلى جزئين، الفقير والمسكين واحد.
٢٩ - قوله:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} عطف على يذكروا؛ أي: ثم بعد خروجهم من الإحرام، ليقطعوا أدرانهم، ويزيلوا أوساخهم، بحلق الرأس وقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال؛ أي: الخروج من الإحرام. فالتفث الوسخ، يقال للرجل: ما أتفثك، وما أدرنك؛ أي: وما أوسخك، وكل ما يستقذر من الشعث، وطول الظفر ونحوهما تفث.
{وَلْيُوفُوا}؛ أي: وليؤدوا {نُذُورَهُمْ}؛ أي: ما أوجبوه على أنفسهم من أعمال البر، في أيام الحج مما لا يقتضي الحج وجوبه من الضحايا وغيرها، والنذر أن توجب على نفسك ما ليس بواجب. وقرأ (١) أبو بكر وشعبة عن عاصم {وَلْيُوفُّوا} بفتح الواو وتشديد الفاء وتسكين اللام.
{وَلْيَطَّوَّفُوا} طواف الركن الذي يتم به التحلل، فإنه قرينة قضاء التفث {بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}؛ أي: القديم، فإنه أول بيت وضع للناس، أو المعتق من تسلط الجبابرة، فكم من جبار سار إليه ليهدمه فعصمه الله، وأما الحجاج الثقفي، فإنما قصد إخراج ابن الزبير - رضي الله عنهما - حين تحصن به، لا التسلط عليه، ولما قصد التسلط عليه أبرهة، فعل به ما فعل.
فصل
واعلم: أن طواف الحجاج ثلاثة:
الأول: طواف القدوم: وهو أن من قدم مكة يطوف بالبيت سبعًا، يرمل