إلا محض افتراء، وأن لجاجكم في عداوته، وتألبكم عليه ما هو إلا عناد واستكبار، وأنكم في قرارة نفوسكم عالمون حقيقة أمره، ودخيلة دعوته.
التفسير وأوجه القراءة
١ - {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)} ولفت ومحي ضوؤها، وسقطت من مقرها حين خراب العالم الذي يعيش فيه الحي في حياته الدنيا، ولا يبقى في عالمه الآخر الذي ينقلب إليه شيء من هذه الأجرام، وارتفاع (١){الشَّمْسُ} على أنه فاعل لفعل مضمر يفسره ما بعده على الاشتغال، وهذا عند البصريين، لا فاعله؛ لأن الفاعل لا يتقدم على فعله، وأما عند الكوفيين والأخفش .. فهو مرفوع على الابتداء؛ لأن التقدير خلاف الأصل، والأول أولى؛ لأن {إِذَا} فيها معنى الشرط، والشرط مختص بالفعل، وعلى الوجهين الجملة في محل الجر بإضافة {إِذَا} إليها.
والحاصل: أن {إِذَا} في هذه المواضع الاثني عشر: ظرف مضمن معنى الشرط، وجوابها {عَلِمَتْ}، كما سيأتي، ومعنى {كُوِّرَتْ}: لفت، من كورت العمامة إذا لففتها بضم بعض أجزائها إلى بعض على جهة الاستدارة، على أن المراد بذلك، إما رفعها وإزالتها من مقرها، فإن الثوب إذا أريد رفعه عن مكانه، وستره بجعله في صندوق أو غيره .. يلف لفًا ويطوى، نظير قوله تعالى:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ} فكان بين السماء والرفع علاقة اللزوم، فتكويرها كناية عن رفعها. قال سعدي المفتي: ولا منع من إرادة المعنى الحقيقي أيضًا، وكون الشمس كرة مصمتة على تسليم صحته لا يمنع من تلك الإرادة؛ لجواز أن يحدث الله فيها قابلية التكوير، بأن يصيرها منبسطة، ثم يكورها، إن الله على كل شيءٍ قدير. انتهى.
وأما لف ضوئها المنبسط في الآفاق، المنتشر في الأقطار، بأن يكون إسناد كورت إلى ضمير الشمس مجازيًا، أو بتقدير مضاف على أنه عبارة عن إزالتها، والذهاب بها بحكم استلزام زوال اللازم لزوال الملزوم، فاللف على هذا مجاز عن الإعدام، إذ لا مساغ لإرادة المعنى الحقيقي؛ لأن الضوء لكونه من الأعراض لا يتصور فيه السلف، وقيل: معنى {كُوِّرَتْ}: ألقيت من فلكها على وجه الأرض، كما