"بر الوالدين" قلت: ثم أي، قال:"الجهاد في سبيل الله". اهـ الشيخان.
وقد افتتح سبحانه هذه الصفات الحميدة، بالصلاة، واختتمها بالصلاة، دلالة على عظيم فضلها، وكبير مناقبها، وقد ورد في الحديث:"إعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"
١٠ - ولما كان الجزاء في الآخرة، نتيجة للعمل في الدنيا، وما فيها من نعيم حصاد، لما زرع فيها, رتب على ذلك قوله:{أُولَئِكَ} المؤمنون الموصوفون بتلك الصفات الحميدة المذكورة {هُمُ الْوَارِثُونَ} منازل أهل النار من الجنة، وعن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فمن مات ودخل النار .. ورث أهل الجنة منزله، ذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)} " ذكره البغوي، بغير سند.
وقيل: معنى الوارث: هو أن يؤول أمرهم إلى الجنة وينالوها، ما يؤول أمر الميراث إلى الوارث، والمعنى: أولئك هم الأحقاء بأن يسموا وارثًا، دون من عدا هم، ممن ورث وغائب الأموال، والذخائر، وكرائمها. والوراثة، انتقال مال إليك من غيرك، من غير عقد، ولا ما يجري مجرى العقد وسمى بذلك المتنقل عن الميت،
١١ - فيقال للمال الموروث: ميراث {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} بيان لما يرثونه، وتقييد للوراثة بعد إطلاقها وتفسير لها بعد إبهامها، تفخيمًا لشأنها، ورفعًا لمحلها، وهي استعارة لاستحقاقهم الفردوس بأعمالهم، حسبما يقتضيه الوعد الكريم، للمبالغة فيه؛ لأن الوراثة، أقوى سبب يقع في ملك الشيء، ولا يتعقبه رد ولا فسخ، ولا إقالة ولا نقض، فيسمى انتقال الجنة إليهم بدون محاسبة ولا معرفة بمقدارها وراثة.
والمعنى: أن من عمل بما ذكر في هذه الآيات، فهو الذي يرث من الجنة ذلك المكان، ولفظ الفردوس لغة رومية معربة، وقيل: فارسية، وقيل: حبشية، وقيل: هي عربية {هُمْ فِيهَا}؛ أي: في الفردوس، والتأنيث فيه، مع أنه راجع إلى الفردوس؛ لأنه اسم للجنة، أو لطبقتها العليا، وهو البستان الجامع لأصناف الثمر، روي أنه تعالى، بنى جنة الفردوس لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل