للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما أفردهما بالذكر على تقدير كون المراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة؛ لزيادة فضلهما على غيرهما، فكان يحفظهما على ظهر قلبه.

وهذا إخبار من الله تعالى لمريم ما هو فاعل بالولد الذي بشرها به، من الكرامة وعلو المنزلة.

٤٩ - {و} حالة كونه {رسولًا إلى بني إسرائيل} كلهم، وتخصيص (١) بني إسرائيل لخصوص بعثته إليهم أو للرد على من زعم أنه مبعوث إلى غيرهم.

وقرأ اليزيدي شذوذًا: {ورسولِ} - بالجر - وخرجه الزمخشري على أنه معطوف على قوله: {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ}، وهي قراءة شاذة في القياس؛ لطول البعد بين المعطوف والمعطوف عليه.

والمعتمد عند الجمهور (٢): أن عيسى إنما نبىء على رأس الأربعين، وأنه عاش في الأرض قبل رفعه مئة وعشرين سنة، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل كما أن أولهم يوسف بن يعقوب، وسيأتي بسط ذلك عند قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} إن شاء الله تعالى.

{أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ} - بفتح الهمزة - على قراءة الجمهور، فيكون مجرورًا بباء الملابسة المقدرة المتعلقة بمحذوف حال من رسول المقدر؛ لما فيه من معنى النطق، والتقدير: فلما جاءهم .. قال: إني رسول الله إليكم حالة كوني ملتبسًا بمجيئي إياكم بآية وعلامة تدل على صدق رسالتي، وتلك الآية: أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير إلخ، وهذا التقدير أحسن (٣)؛ لأن قصة البشارة قد تمت، وهذا شروع في قصة ما وقع له بعد وجوده في الخارج.

وقريء بكسر همزة {إني} وهي شاذة، فيكون مفعولًا لقول محذوف تقديره: فلما جاءهم .. قال لهم: إني قد جئتكم بآية. {مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي: بعلامة دالة على صدقي كائنة من ربكم، وإنما قال: {بِآيَةٍ}، وقد جاء بآيات


(١) البيضاوي.
(٢) الجمل والمراح.
(٣) الجمل.