للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ظهور أمرها؟ أم سببه أنهم يخافون أن يجور الله ورسوله عليهم في الحكم؟

وخلاصة ذلك: لا يخرج أمرهم عن أن يكون في القلوب مرض لازم بالكفر والنفاق، أو عروض شك في الدين، أو خوف من أن يجور الله ورسوله عليهم، أيًّا كان الأمر، فهو كفر وضلال، والله عليم بما انطوت عليه قلوبهم من المرض.

ثم أبطل السببين الأولين، وأثبت الثالث، فقال: {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}؛ أي: ليس العدول إلا للسبب الأول فحسب، فهم ما عدلوا إلا لما في قلوبهم من المرض والنفاق، وظلمهم لأنفسهم بمخالفة أمر ربهم، ومعصيتهم له فيما أمرهم به، من الرضا بحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أحبوا وكرهوا، والتسليم لقضائه.

٥١ - وبعد أن نفى عنهم الإيمان الحق، بين صفات المؤمن الكامل، فقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِين} بالنصب، على أنه خبر {كَانَ} وأن وما في حيزها اسمها. {إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ}؛ أي: إلى كتابه {وَرَسُولِهِ}؛ أي: وإلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - {لِيَحْكُمَ} الرسول {بَيْنَهُمْ} وبين خصومهم، سواء كانوا منهم أو من غيرهم {أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا} الدعاء وأجبناه {وَأَطَعْنَا} أمرهما بالإجابة، والقبول، والطاعة موافقة الأمر طوعًا، وهي تجوز لله ولغيره، كما في "فتح الرحمن".

وقرأ الجمهور (١): قول المؤمنين بالنصب على أنه خبر كان، وأن يقولوا اسما، وهذا أقوى صناعةً؛ لأن الأولى جعل الأعرف اسم كان، وأن يقولوا أوغل في التعريف؛ لأن الفعل المصدَّر بأن لا سبيل إلى تنكيره، بخلاف قول المؤمنين، فإنه يجوز تنكيره، بعزل الإضافة عنه.

والمعنى: إنما كان قول المؤمنين المخلصين عند الدعوة خصوصية، قولهم: سمعنا وأطعنا.

وقرأ علي (٢) وابن أبي إسحاق والحسن قول المؤمنين بالرفع، وهذا أفيد


(١) المراح.
(٢) المراح.