{وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ}؛ أي: ونجزي كل من صار الإجرام والشرك وصفا له جزاء مثل جزاء هؤلاء المكذبين المستكبرين من عدم فتح أبواب السماء، وعدم دخولهم الجنة، لا من أجرموا جرما بثورة غضب، أو نزوة شهوة، ثم لا يلبثون أن يندموا على ما فرط منهم كما قال تعالى في وصف المؤمنين:{ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} وقال أيضا: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
٤١ - ولما بين الله سبحانه وتعالى أنّ الكفار لا يدخلون الجنة أبدا .. بين أنهم من أهل النار، ووصف ما أعد لهم فيها، فقال {لَهُمْ}: أي: لهؤلاء المكذبين المستكبرين {مِنْ} نار {جَهَنَّمَ مِهادٌ}؛ أي: فرش من تحتهم {وَ} لهم {مِنْ فَوْقِهِمْ} منها {غَواشٍ}؛ أي: لحف وأغطية تغطيهم، والمراد: أنها محيطة بهم مطبقة عليهم من كل جانب، فلهم منها غطاء ووطاء وفراش ولحاف، وأصل المهاد المتمهد الذي يقعد عليه، ويضطجع عليه كالفراش والبساط، والغواش جمع غاشية، وهي الغطاء كاللحاف ونحوه. وقرىء:{غواش} - بالرفع - كقراءة عبد الله:{وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ}. {وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}؛ أي: ونجزي كل من صار الظلم لنفسه وللناس وصفا لازما له جزاء مثل جزاء المكذبين المستكبرين من كون جهنم مهادا وغطاء لهم.
والآيتان تدلان على أن المجرمين والظالمين الراسخين في صفتي الإجرام والظلم هم الكافرون كما قال:{وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} والمؤمنون لا يكونون كذلك بحال.
٤٢ - {وَالَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: والذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما جاءهم به من وحيه وتنزيله وشرائع دينه {وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}؛ أي: وعملوا بما أمرهم به وأطاعوه في ذلك واجتنبوا ما نهاهم عنه، وقوله:{لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها}؛ أي: ولا نكلف نفسا مكلفة إلا ما يسهل عليها من الأعمال، وما يدخل في قدرتها، ولا يضيق فيه عليها، كلام معترض بين المبتدأ والخبر، اعترض به لأنه من جنس ما قبله، فإنه بيان أن ذلك العمل غير خارج عن قدرتهم، وتنبيه على أن